لكن لا يمكن الأمر بها ولو من باب الترتّب ، لما عرفت من الإشكال فيه من كونه من قبيل الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، وحينئذ تصحّ الصلاة قصراً لو تأتّت منه نيّة القربة ، كما تصحّ تماماً ، غايته أنّه يعاقب على تفويت الأهمّ.
وهذه الطريقة جارية في المسائل الثلاث ، ولا يرد عليها شيء ممّا تقدّم سوى أنّ جريانها في مسألتي الجهر والاخفات مناف لظاهر قوله عليهالسلام : « تمّت صلاته » (١) الجامعة بين الناسي والجاهل ، فلابدّ أن تكون التمامية فيهما بوتيرة واحدة. ويمكن الجواب عنه بالتسامح في التمامية بعد فرض كونهما ضدّين ، فيراد تمامية هذا الضدّ الذي أتى به ، فلاحظ وتدبّر.
قوله : وأمّا الشبهات الموضوعية ففي التحريمية منها لا يجب الفحص إجماعاً على ما حكاه الشيخ قدسسره (٢) ... الخ (٣).
العمدة هو النظر إلى ما تقتضيه القاعدة من لزوم الفحص وعدمه. أمّا البراءة العقلية فالظاهر أنّه لا مانع منها ، فإنّ ما ذكر من الموانع في الشبهة الحكمية كالعلم الاجمالي وعدم المعذورية لا محلّ له في الشبهات الموضوعية. وأمّا البراءة الشرعية ، فإن كان المانع منها في الشبهات الحكمية هو العلم الاجمالي ، فلا شبهة في عدم المحلّ له هنا ، وإن كان المانع في الشبهات الحكمية هو ما تقدّم من عدم المعذورية ، فقد عرفت هناك أنّه لا يقف في قبال إطلاق أدلّتها ، وأنّ أقصى ما ادّعيناه هناك هو الانصراف ، فبناءً عليه ينبغي أن نقول هنا بالانصراف المذكور ، لكن لمّا قام الإجماع على إجرائها هنا قبل الفحص كان ذلك الإجماع بمنزلة
__________________
(١) وسائل الشيعة ٦ : ٨٦ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٦ ح ١.
(٢) فرائد الأُصول ٢ : ١٤٠.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٣٠١.