القرينة المنفصلة الموجبة لحمل « ما لا يعلمون » على الشمول لما قبل الفحص في الشبهات الموضوعية ، وإن كان ذلك لو خلّي ونفسه لكان اللفظ منصرفاً عنه.
قوله : أحدهما أن لا يلزم من العمل بالبراءة إثبات حكم آخر (١).
لو فسّر ذلك بما تقدّم في حديث الرفع ، وأنّه مسوق للامتنان ، فلا يجري فيما يكون موجباً للضيق على المكلّف ، كما لو شككنا في شمول الجزئية لحال التعذّر ، وكان أثر شمولها له هو لزوم الاتيان بالباقي عند تعذّر الجزء ، فإنّ الجزئية في حال التعذّر وإن كانت مشكوكة ، إلاّ أنه لا يمكن رفعها بحديث الرفع ، لأنّه لا أثر له إلاّ إيجاب الباقي ، لكان في محلّه ، لكنّه موقوف على النظر في نصّ عبارة الفاضل التوني ، ليظهر لنا هل يمكن أن يريد بها هذا المعنى ، والأمر سهل.
قوله : وفي مثل ذلك يستقيم مقالة الفاضل التوني من أنّه لا يثبت أحد الحكمين بمجرّد نفي الحكم الآخر بالبراءة ... الخ (٢).
هذا أيضاً ممّا يتوقّف على النظر في عبارة الفاضل ، إذ الظاهر أنّ هذا الشرط إنّما هو شرط في إجرائها لا أنّه شرط في ترتّب الحكم على مجراها ، فنحن وإن سلّمنا أنّ وجوب الحجّ لا يترتّب على البراءة من الدين ، بل لابدّ من استصحاب العدم ، لكن ذلك على الظاهر لا دخل له في إجراء البراءة ، بل إنّ البراءة جارية في حدّ نفسها في مجراها في جميع تلك الأمثلة ، سواء ترتّب الحكم الآخر لكونها محقّقة لموضوعه أو لم يترتّب ، وأنّ مراد الفاضل التوني هو أنّها لا تجري إذا كانت مثبتة للحكم. والظاهر أنّه لا ينطبق إلاّعلى ما قدّمناه ، لكن عبارته المنقولة
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٠٣.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٣٠٤.