حيث هذا الأثر ـ أعني طهارة الثوب ـ يسقط أيضاً الحكم بطهارته من جهة كونه مشكوك الطهارة ، وسيأتي له مزيد إيضاح وتحقيق إن شاء الله تعالى. هذا كلّه في حالة خروج الأصل عن الابتلاء.
وأمّا لو عاد بعد ذلك ، فالظاهر أنّ الأمر كما أفاده في الكفاية (١) من عدم وجوب الاجتناب عنه ، ولا تجري فيه نظرية شيخنا قدسسره (٢) من كون المدار على تقدّم المعلوم ، فإنّ النجاسة في الأصل وإن كانت سابقة ، إلاّ أنها كما عرفت ليست هي المدار في التنجّز ، بل المدار إنّما هو على التكليف الناشئ عنها وهو وجوب الاجتناب ، ومن الواضح أنّ هذا التكليف إنّما يتوجّه أو إنّما يكون فعلياً ملقىً على عاتق المكلّف إذا كان داخلاً في محلّ الابتلاء المفروض أنّه بعد العلم الاجمالي السابق وبعد الوجوب المعلوم في ذلك العلم السابق ، وحينئذ لا يكون العلم الثاني المردّد بين إناء زيد وإناء عمرو مؤثّراً ، لكونّه هو ومعلومه متأخّرين عن العلم الأوّل ومعلومه ، وحينئذ يكون إناء زيد بعد رجوعه إلى محل الابتلاء مورداً لقاعدة الطهارة ، وهي ـ أعني قاعدة الطهارة الجارية فيه بعد رجوعه إلى محلّ الابتلاء ـ لا تكون حاكمة على قاعدة الطهارة في الثوب ، التي جرت فيه سابقاً وسقطت بالمعارضة مع قاعدة الطهارة في إناء عمرو.
وإن شئت فقل : إنّ قاعدة الطهارة وإن جرت في إناء زيد بعد رجوعه إلى محلّ الابتلاء ، إلاّ أنا لا يمكننا أن نرتّب عليها إلاّ أثرها الأوّل أعني كون إناء زيد بنفسه يجوز شربه مثلاً ، أمّا أثرها الثاني وهو كون ملاقيه طاهراً فلا ، وذلك لأنّه لا يمكننا الحكم بطهارته ولو من هذه الجهة ، لا لكون ذلك معارضاً بقاعدة الطهارة
__________________
(١) لاحظ كفاية الأُصول : ٣٦٣.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٨٦.