وقال المرحوم الأُستاذ العراقي قدسسره في مقالته المطبوعة في الردّ على القول بالانحلال الحقيقي : وفيه أوّلاً : بأنّ ذلك لا يتمّ في الطرق غير العلمية ـ إلى أن قال ـ ثمّ على فرض علمية الطريق لا يجدي وجوده في انقلاب المعلوم بالاجمال إلى التفصيلي ، إذ كلّ واحد من العلمين متعلّق بصورة غير الأُخرى ، إذ الصور الاجمالية مباينة مع التفصيلية ذهناً ، وإن كانا متّحدين أحياناً في الخارج ـ إلى أن قال ـ ولا يقاس المقام بباب الأقل والأكثر ، إذ الاجمال هناك في حدّي الأقل والأكثر ، وإلاّ ففي نفس الذات ما يتحقّق (١) من الأوّل إلاّعلم تفصيلي بالأقل والشكّ في الأكثر ، وأين هذا ومقامنا الذي كان الإجمال في نفس الذات باقياً على حاله وإن تحقّق علم تفصيلي بأحد الطرفين كما هو ظاهر ، وحينئذ فليس مقامنا بقول مطلق من باب الانحلال بنحو الحقيقة ، علمية كانت الطرق التفصيلية أم ظنّية ، وحينئذ فالتحقيق أن يقال : إنّه مع قيام المنجّز ـ أيّما كان ـ في أحد الطرفين ، يخرج العلم الاجمالي عن تمام المؤثّرية في هذا الطرف ، فقهراً يصير جزء مؤثّر ، ومن البديهي أنّ شأن الجزئية خروجه عن الاستقلال في التأثير ، ولازمه عدم استقلاله على تأثيره في الجامع الاجمالي ـ إلى أن قال ـ وعليه فليس المقام بالنسبة إلى جميع أنحاء الطرق بل والأُصول المثبتة إلاّبمنوال واحد ، من كون الانحلال في الجميع حكمياً لا حقيقياً (٢).
وحاصل ما أفاده في هذا التحقيق : هو أنّه إذا كان التكليف متنجّزاً في طرف معيّن من طرفي العلم الاجمالي بسبب هناك أوجب تنجّزه في ذلك الطرف ، لم
__________________
(١) [ لا يخفى أنّ المذكور في الطبعة القديمة « ما يحقّق » وفي الحديثة صحّحت بـ « ما تحقّق » ].
(٢) مقالات الأُصول ٢ : ١٨٧ ـ ١٨٨.