نعم ، لو علم بالنجاسة المردّدة بين الثوب وإناء عمرو ، ثمّ بعد مضي مقدار من الزمان التفت إلى أنّ هذا الثوب لو كان هو النجس المعلوم لكانت نجاسته معلولة لكونه قد كان ملاقياً لإناء زيد ، وعند ذلك يحصل له العلم الاجمالي الثاني المردّد بين الاناءين ، ففي هذه الصورة لا يجب الاجتناب عن الملاقى ـ بالفتح ـ الذي هو إناء زيد على كلا القولين ، لحصول كلّ من التقدّم الرتبي والزماني فيها لأحد العلمين ، وهو العلم بين الثوب وإناء عمرو على العلم الآخر وهو العلم بين الاناءين. وهذه هي الصورة الثانية ممّا ذكره في الكفاية. أمّا التي هي مختصّة بالمقالة ، فهي ما عرفت من كون التأخّر فيها مقصوراً على التأخّر الرتبي.
ولا يخفى الفرق بين هذه الصورة المشتملة على التأخّر الرتبي فقط وبين الصورة الثالثة من الكفاية ، فإنّ السابق رتبة في هذه الصورة يكون هو العلم الاجمالي المردّد بين الثوب وإناء عمرو ، فيكون هو المنجّز ، بخلاف الصورة الثالثة في الكفاية فإنّ السابق رتبة فيها يكون هو العلم الاجمالي المردّد بين إناء زيد وإناء عمرو ، فتكون على العكس من الصورة المذكورة ، ويكون حال هذه الصورة الثالثة في كلام الكفاية حال الصورة الأُولى ، غير أنّها يكون التأخّر فيها رتبيّاً فقط ، وفي الأُولى يكون التأخّر رتبياً وزمانياً.
واعلم أنّ هذه الصورة ـ أعني ما لو تقدّم العلم بالنجاسة المردّدة بين الثوب وإناء عمرو على العلم بالنجاسة المردّدة بين الاناءين ، سواء كان التقدّم رتبياً فقط أو انضمّ إليه التقدّم الزماني ـ لا يكون مسلك تعارض الأُصول نافعاً فيها في تسويغ الارتكاب بالنسبة إلى الملاقي ـ بالكسر ـ الذي هو الثوب ، وذلك لأنّه بمجرّد حصول العلم بالنجاسة المردّدة بين الثوب وإناء عمرو تقع المعارضة بين الأصلين فيسقطان ، وبعد حصول العلم الثاني رتبة أو زماناً المردّد بين إناء زيد