وأمّا بناءً على ما ربما يظهر من كلمات شيخنا قدسسره من أنّ المدار في مسألة الملاقي والملاقى على تقدّم المعلوم وإن كان العلم به متأخّراً ، فقد عرفت أنّه بظاهره لا يستقيم مع كون العلم الاجمالي بالنسبة إلى التنجّز على نحو الموضوعية والعلّية ، الموجب لاستحالة أن يتقدّم عليه أثره الذي هو التنجّز ، ولا شكّ أنّ شيخنا قدسسره لا يريد ذلك ، كيف وهو بنفسه قد صرّح بأنّ العلم وإن كان بالنسبة إلى متعلّقه على نحو الطريقية ، لكنّه بالنسبة إلى التنجّز على نحو الموضوعية والسببية ، كما صرّح به فيما نقلناه (١) في مقدّمة المسألة التي أفاد فيها الشيخ قدسسره أنّ الملاقي ـ بالكسر ـ يقوم مقام الملاقى ـ بالفتح ـ فيما لو فقد الملاقى ـ بالفتح ـ ثمّ حصل العلم الاجمالي ، وبذلك صرّح أيضاً فيما نقله عنه المرحوم الشيخ محمّد علي في مبحث الاضطرار (٢) فراجع. بل المراد بما أفاده من أنّ المدار على تقدّم المعلوم ، هو كون العلم الثاني المتعلّق بما هو مقدّم على المعلوم بالعلم الأوّل ، يوجب الخلل بالعلم الأوّل وانقلابه من كونه علماً بتوجّه التكليف على كلّ من الطرفين إلى كونه من الدوران بين الأمرين اللذين يكون لأحدهما أثر ، ولا يكون للآخر أثر.
وتقريبه يحتاج إلى مقدّمات :
الأُولى : أنّه لو علم بنجاسة إناء زيد تفصيلاً ، ثمّ انتقض ذلك العلم التفصيلي بالعلم بأنّه كان طاهراً أو بالشكّ الساري ، فإنّ هذا العلم وإن كان بحدوثه مؤثّراً إلاّ أنه ما دام موجوداً ، فإذا حصل ما أزاله من أصله وتبدّل إلى العلم بالطهارة السابقة أو إلى الشكّ فيها بنحو الشكّ الساري ، يزول أثره وينكشف أنّه لا واقعية
__________________
(١) في الصفحة : ٦٨ ـ ٦٩.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٩٥.