وفي تفسير المنار : قال بعض المفسّرين : إنّ المراد بالشهر هنا الهلال وكانت العرب تعبّر عن الهلال بالشهر. ويردّه : أنّهم لا يقولون شهد الهلال ، وإنّما يقولون رآه ، ومعنى شهد حضر. وقال بعضهم : إنّ المعنى فمن كان حاضراً منكم حلول الشهر فليصمه (١).
قوله : ولا يمكن أن يكون المراد منه الأعمّ من المرسل والمشكوك ـ إلى قوله ـ فإنّ الشيء المشكوك متأخّر في الرتبة عن الشيء المرسل ... الخ (٢).
من دون فرق في ذلك بين ما هو معلوم العنوان مشكوك الحكم أو ما هو مشكوك العنوان ، فإنّ ما هو مشكوك العنوان متأخّر عن نفس العنوان برتبة واحدة وما هو مشكوك الحكم متأخّر عن العنوان برتبتين ، فإنّ الشكّ في الحكم متأخّر عنه والحكم نفسه متأخّر عن العنوان.
ثمّ لا يخفى أنّ المراد من التأخّر الرتبي في هذا المقام ليس هو التأخّر الخارجي كما في العلّة والمعلول ، ضرورة إمكان الجامع بين هذين الترتّبين مثل عنوان الموجود والشيء مثلاً ، بل المراد به التأخّر اللحاظي ، يعني أنّ الحاكم بقوله : كلّ شيء طاهر مثلاً ، يلزمه أن يلاحظ الشيء أوّلاً بعنوانه وثانياً بعنوان كونه مشكوك العنوان أو مشكوك الحكم.
ثمّ إنّي حرّرت عنه قدسسره أنّ في البين مانعاً آخر غير ما تقدّم ، وهو أنّ لفظ الشيء وإن كان هو جامعاً بين جميع الموجودات ، إلاّ أنه إذا أُخذ موضوعاً لحكم لابدّ أن يكون دخول الفرد تحته بعنوان كونه شيئاً ، لا بعنوان آخر مثل كونه
__________________
(١) تفسير المنار ٢ : ١٣٠ ـ ١٣١.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٣٦٨.