الثالث : أن يكون مفاد الصدر هو الطهارة الواقعية ، ومفاد الذيل ـ أعني الغاية ـ هو الاستصحاب ، قال في الكفاية في تقريبه ما نصّه : إنّ الغاية فيها إنّما هو لبيان استمرار ما حكم على الموضوع واقعاً من الطهارة والحلّية ظاهراً ما لم يعلم بطروّ ضدّه أو نقيضه ، لا لتحديد الموضوع كي يكون الحكم بهما قاعدة مضروبة لما شكّ في طهارته أو حلّيته ، وذلك لظهور المغيّى فيها في بيان الحكم للأشياء بعناوينها ، لا بما هي مشكوكة الحكم كما لا يخفى (١) فراجع ما أفاده إلى آخر كلامه قدسسره.
وفيه : ما لا يخفى ، أمّا أوّلاً : فلما تقدّم من الايراد ثانياً على الوجه الثاني ، فإنّ قوله : « طاهر » بعد أن كان هو الطهارة الواقعية المحمولة على الأشياء بعناوينها الأوّلية ، لا يمكن أن يتعلّق بها قوله : « حتّى تعلم » ولا يمكن أن يستفاد منها الحكم بالاستمرار إلاّ إذا تكرّر اللفظ ، بأن يراد من اللفظ الأوّل الطهارة الواقعية التي أُخذت محمولة على الشيء بعنوانه الأوّلي ، ويراد بالثاني الطهارة الظاهرية الاستصحابية التي أُخذت موضوعاً للحكم بالاستمرار ، فيقال : كلّ شيء طاهر واقعاً وهذه الطهارة باقية مستمرّة بحكم الاستصحاب إلى حين العلم بالنجاسة.
__________________
صيدا [ أي أجود التقريرات ٤ : ٦٢ ـ ٦٣ ] وأجاب عنه بأنّ الملحوظ في القاعدة هو حدوث الحكم بالطهارة وبالاستصحاب هو بقاؤها ، ولا يمكن الجمع بينهما. قلت : لا يخفى أنّه لو كان المراد هو ذلك لكان في غاية الغرابة ، ولا يكون فساده مقصوراً على الجهة المذكورة ، بل يكون فساده واضحاً من جهات عديدة ، أقلّها عدم تقدّم اليقين الذي هو الركن في باب الاستصحاب ، بل عدم تعيّن المستصحب وهل هو الطهارة الواقعية أو الطهارة الظاهرية [ منه قدسسره ].
(١) كفاية الأُصول : ٣٩٨.