وأمّا ثانياً : فلما أوردناه على الوجه الأوّل من أنّ أحد ركني الاستصحاب هو اليقين السابق ولم تتكفّله الرواية ، وما لم يكن اليقين السابق مأخوذاً في الحكم بالطهارة لم يكن الحكم ببقائها واستمرارها منطبقاً على الاستصحاب.
وبالجملة : أنّ الطهارة الواقعية إنّما يمكن استصحابها إذا كانت متيقّنة سابقاً وقد طرأ الشكّ في تحقّق ما يوجب ارتفاعها ، أمّا إذا لم تكن متيقّنة سابقاً فلا يمكن استصحابها ، فلو جعلنا قوله عليهالسلام : « حتّى تعلم » الخ متضمّناً للحكم الاستصحابي ، بدعوى أنّ مفاده هو أنّ تلك الطهارة الواقعية محكوم عليها بالبقاء والاستمرار إلى حين العلم بالنجاسة ، لم يكن ذلك منطبقاً على الاستصحاب ، لعدم أخذ اليقين فيه إلاّبإضافة قيد آخر ، وهو أن نقول : إنّ مفاده هو أنّ تلك الطهارة الواقعية إذا علمت بها وحصل لك اليقين بها فلا يرفع اليد عنها ولا يحكم بارتفاعها إلاّبعد العلم بطروّ النجاسة ، وهذا كلّه أجنبي عمّا تكفّلت به الرواية الشريفة. ثمّ إنّ من البحث في هذه الوجوه الثلاثة يظهر لك البحث في :
الوجه الرابع : وهو كون الروايات مسوقة لبيان الأُمور الثلاثة ، أعني الطهارة الواقعية وقاعدة الطهارة واستصحاب الطهارة ، فلا ينبغي إطالة الكلام فيه ، لأنّه مركّب من الوجهين الأخيرين اللذين عرفت فسادهما.
ثمّ لا يخفى أنّه بناءً على الوجه الأوّل والوجه الثالث الذي أفاده في الكفاية لا يبقى لنا دليل على قاعدة الحل والطهارة ، بل يكون الجاري فقط هو الاستصحاب لكلّ من الحل والطهارة ، ولازم ذلك أنّه لو لم تكن الحالة السابقة للشيء المشكوك طهارته أو حلّيته معلومة ، أو لم يمكن فيه جريان الاستصحاب لبعض موجبات سقوطه ، لا يمكن الركون في ذلك المورد إلى قاعدة الطهارة أو