السابق كي يقال : إنّ ذلك لا يصحّ إطلاق النقض عليه إلاّ إذا كان ذلك الحادث ممّا له استعداد البقاء ، وإنّما تعرّضت الأخبار لأنّ الشكّ اللاحق لا يهدم ولا ينقض اليقين السابق ، ومن الواضح أنّ هدم الشكّ لليقين إنّما هو باعتبار كون اليقين أمراً محكماً مبرماً ، سواء كان تعلّق النقض به بنفسه ، أو بالمتيقّن ، أو باليقين بما يقتضيه من الجري العملي على طبقه.
ثمّ لا يخفى أنّ الأخبار كلّها وإن كان موردها هو الشكّ في الرافع ، إلاّ أن ذلك بمجرّده لا يوجب اختصاصها به ، بحيث يكون ورودها في ذلك المورد موجباً لعدم شمولها للشكّ في المقتضي بعد أن فرضنا أنّ الكبرى الكلّية شاملة له سيّما إذا قلنا إنّ هذه الأخبار ليست في مقام التأسيس ، بل هي في مقام الإيكال إلى ما جرت به السيرة العقلائية ، وقد عرفت عموم السيرة لصورة الشكّ في المقتضي كما في استصحابهم الحياة في مورد الشكّ في استعداد الشخص ، بل بعد ثبوت عموم السيرة لا تكون تلك الأخبار على تقدير اختصاصها بصورة الشكّ في الرافع مخصّصة للسيرة ، لما عرفت من عدم كون تلك الأخبار في مقام التشريع لا إمضاءً ولا تأسيساً ، بل هي واردة في مقام الإيكال إلى أمر عرفي جرت به سيرة العقلاء ، فلا يضرّ السيرة اشتمال تلك الأخبار على النقض المختصّ بصورة الشكّ في الرافع ، إذ لا يبعد أن يكون ذلك لأجل أنّ موردها كان كذلك ، فتأمّل.
بل يمكن أن يقال : إنّ التعبير باليقين وبالنقض لم يكن لأجل أخذ خصوصيات هذه الألفاظ في ملاك الحكم الاستصحابي ، إذ ليس ملاكه إلاّ أن الإنسان لا ينبغي له أن يرفع اليد عمّا تحقّق عنده لأجل الشكّ في بقائه ، لكن لأجل المبالغة في هذا الحكم عبّر عن تحقّق ذلك الحادث باليقين إشارة إلى أنّ تحقّقه من الأُمور المحكمة المبرمة ، فلمّا تمّ التعبير عن التحقّق باليقين ، ناسب أن