يعبّر عن رفع اليد عنه لأجل الشكّ بالنقض وهدم ذلك المستحكم ، فليست هذه الخصوصيات إلاّجهات راجعة إلى البلاغة والفصاحة البيانية ، من دون أن يكون لها خصوصية في أصل الحكم فتأمّل ، هذا.
ولكن المسألة بعدُ محلّ تأمّل وإشكال ، أمّا نقض السيرة بمسألة استصحاب الحياة ، ودعوى كون جملة من موارد الشكّ فيها لم يحرز فيها المقتضي ، لعدم إحراز مقدار استعداد الشخص بحسب تركّب البنية الطبيعية فيمكن الجواب عنه بأنّ العرف لا يرى الموت إلاّمعدماً ورافعاً للحياة ، وإن كان بالدقّة في بعض الموارد من قبيل انتهاء الاستعداد الطبيعي ، وسيأتي إن شاء الله تعالى في محلّه التحقيق في ذلك عند الكلام على القسم الثاني من الكلّي (١).
وأمّا الأخبار ودعوى عمومها للشكّ في المقتضي ففيه تأمّل ، وإن قدّمنا تلك المناقشة ، إلاّ أن ها لا توجب لنا الجزم بصحّة إسناد النقض إلى الشكّ في موارد الشكّ في المقتضي ، لقوّة احتمال كون اليقين من أوّل الأمر محدوداً بمقدار ما يحصل به الجزم من البقاء ، على وجه يكون ما زاد على ذلك المقدار من أوّل الحدوث مشكوكاً ، بحيث يكون لنا من أوّل الأمر يقين بالبقاء إلى المقدار المتيقّن من الاستعداد مقرون بالشكّ فيما زاد على ذلك ، بخلاف موارد الشكّ في الرافع فإنّ البقاء عند احتمال وجود الرافع وإن كان مشكوكاً من أوّل الأمر ، إلاّ أنه تعليقي بمعنى أنّ الشكّ في البقاء يكون معلّقاً على تحقّق احتمال وجود الرافع ، وهذا لا يصير فعلياً إلاّعند تحقّق المتيقّن ثمّ طروّ ذلك الاحتمال في أثناء عمود الزمان فتأمّل جيّداً.
والإنصاف : أنّه لم يحصل الجزم بشيء من ذلك ، وهو كاف في الحكم
__________________
(١) في الصفحة : ٣١١ ـ ٣١٢.