أعني كون المذي ناقضاً أو ليس بناقض ، والمستصحب إنّما هو الطهارة الخاصّة ، والمدّعى كونه ناقضاً لليقين بتلك الطهارة السابقة إنّما هو الشكّ في ناقضية هذا الحادث الخاصّ الذي هو المذي ، وإنّما يكون اليقين بوجوده مقدّمة لتحقّق ارتباط ذلك الشكّ الكبروي بالمورد الخاص ، أعني ما وجد من الطهارة الخارجية ، إذ بدون العلم بوجود ذلك المشكوك لا يكون لذلك الشكّ الكبروي ارتباط بما هو المطلوب بقاؤه من تلك الطهارة الخاصّة.
قوله : لأنّه يلزم على هذا أن تكون الأوامر والنواهي الواردة في الكتاب والسنّة كلّها إخباراً عن الصلاح والفساد ، من دون أن يكون فيها شائبة الانشاء ، وهذا ممّا لا يرضى به المنصف ... الخ (١).
إنّ هذا القائل يمكنه أن يلتزم بكون الأوامر والنواهي الواردة في الشريعة إرشادية إلى ما يحكم به العقل لو اطّلع عليه من ملاك الحسن والقبح من الإقدام على الأوّل والفرار عن الثاني.
ثمّ لا يبعد أن تكون الأحكام الخمسة التكليفية ـ وهي الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والاباحة ـ من الاعتبارات القابلة للجعل ابتداء ، أو انتزاعاً ، أو تبعاً لجعل نفس البعث والزجر مولوياً وما يتبعهما من البعث الاستحبابي والزجر الكراهتي والبعث الترخيصي.
وعلى الأوّل ـ أعني على تقدير كون هذه الأحكام الخمسة مجعولة ابتداء ـ يتبعها البعث والزجر المولوي ، ولا يبعد وقوع كلّ من الطريقتين. وعلى كلّ حال ، فإنّ نفس البعث والزجر المولويين من الأحكام الشرعية المتكوّنة بمجرّد البعث والزجر بالصيغة المخصوصة بهما ، التي لا يكون مفادها إلاّمجرّد البعث
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٧٩ ـ ٣٨٠.