وقع في أنّ المجعول ابتداءً هل هو التكليف وعنه ينشأ اعتبار الملكية قهراً ، أو أنّ المجعول هو الوضع وعنه يتولّد موضوع التكليف ، فيكون التكليف في مرحلة الجعل تابعاً للوضع لكونه خالقاً لموضوعه.
قوله : فإنّ الولاية والقضاوة الخاصّة حكمها حكم النيابة والوكالة ، لا ينبغي عدّها من الأحكام الوضعية ... الخ (١).
يمكن المنع من كونها من قبيل الوكالة والنيابة ، بل هي منصب خاصّ ينجعل بالجعل بأسبابه ولو بمثل قوله عليهالسلام : جعلتك قاضياً أو والياً ، وحينئذ تكون من سنخ الأحكام الوضعية ، ولعلّ الإمامة والنبوّة من المناصب الإلهية من هذا القبيل ، نعم لا تسمّى اصطلاحاً بالأحكام الوضعية. ثمّ لو سلّمنا كونها من قبيل الوكالة والنيابة ، لكان ذلك ممّا يؤيّد كونها أحكاماً وضعية ومجعولات شرعية ، لأنّ الوكالة بنفسها من هذا القبيل أيضاً تنجعل بالجعل بأسبابها المقرّرة مثل قوله أنت وكيلي.
ومن ذلك يظهر لك التأمّل فيما حرّره عنه قدسسره في التقريرات طبعة صيدا بقوله : ثمّ إنّه قد ظهر ممّا ذكرناه من أنّ الأحكام المجعولة في الشريعة لابدّ وأن تكون من قبيل القضايا الحقيقية المجعولة على موضوعاتها المقدّرة وجوداتها ، أنّ الماهيات الجعلية لا تكون من الأحكام الوضعية ، كما أنّه ليس منها الولاية والقضاوة لشخص خاصّ في زمان الحضور ، إذ الجعل فيه ليس بنحو القضية الحقيقية كما هو ظاهر الخ (٢) وذلك فإنّ كون القضية حقيقية أو خارجية لا يؤثّر في الناحية التي نحن بصددها ، من أنّ المجعول فيها حكم شرعي من مقولة الأحكام
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٨٥.
(٢) أجود التقريرات ٤ : ٧٥.