الوضعية ، هذا.
مضافاً إلى أنّ قوله عليهالسلام : أنت قاض ، نظير قول القائل لعبده : « أنت حرّ » في تكفّله لجعل الحرّية وأنّها من الأحكام الوضعية ، وأنّ صدوره من جعل خاصّ لا يوجب كون ذلك الحكم الكلّي كبروياً (١) ، وهو ما يتضمّن أنّ السيّد إذا قال لعبده : أنت حر ، كان حرّاً وخرج بذلك عن الرقية.
ولقد حرّرت عنه قدسسره في هذا المقام ما لعلّه هو غير هذين ، وهذا نصّ ما كنت حرّرته عنه قدسسره : ومنها : ما هو راجع إلى المناصب كالولاية والوكالة والقضاوة ونحو ذلك ، والظاهر أنّ مثل هذه الأُمور أجنبية عن الجعل الشرعي ، فإنّها من وظائف السلطنة الدنيوية ، حيث إنّ الشارعية سلطنة عامّة على الدنيا والدين ، ومن الوظائف الدينية جعل الأحكام الشرعية المتعلّقة بأفعال المكلّفين التي هي من وظائف الشارع بما أنّ له السلطنة الدينية ، ومن وظائف سلطنته العامّة على الدنيا كونه مالكاً لها مسلّطاً على نظامها ، ومن ذلك جعل الولاية لأحد والقضاوة لآخر ونحو ذلك ، فإنّها من وظائف تلك السلطنة ومن شؤونها ، فكما أنّ أحدنا مسلّط على التصرّف فيما يملكه بأن يبيعه أو يرهنه أو يؤجره إلى غير ذلك من التصرّفات ، فكذلك الشارع مقتضى مالكيته لما في العالم وسلطنته العامّة عليه هو نفوذ تصرّفاته التي يتوقّف عليها نظامه ، من جعل ولاية وقضاوة وغير ذلك ممّا يرجع إلى الشؤون العامّة ، ولا يرتبط بما يخصّ آحاد المكلّفين من الأفعال ، فإنّ جميع هذه التصرّفات ناشئة عن ملكيته العامّة ، كما أنّه لو كان له ملك خاصّ لكانت تصرّفاته فيه نافذة ، فهذه التصرّفات المتعلّقة بما يملكه بالسلطنة العامّة تكون نافذة ، ولكن لا بما أنّه شارع ، بل بما أنّه مالك وله تلك السلطنة العامّة الدنيوية ، انتهى.
__________________
(١) [ هكذا وردت العبارة في الأصل ، فلاحظ ].