وحاصله : أنّ المناصب المذكورة من مقولة تصرّف الملاّك في أملاكهم ، وليست من قبيل الجعل الشرعي ، فإنّ المجعول فيها وإن كان نحواً من الاعتبارات العقلائية ، إلاّ أنه ليس من المجعولات الشرعية لا إمضاءً ولا تأسيساً ، بل إنّ النبوّة والإمامة من هذا القبيل ، فإنّ الشارع إنّما يجعلها بما أنّه مالك لا بما أنّه شارع ، ونفوذ جعله إنّما هو باعتبار كونه مالكاً لا باعتبار كونه مشرّعاً ، فلا يكون المجعول فيها من الأحكام الشرعية بل هو من التصرّفات المالكية ، والتصرّفات المالكية وإن كانت محتاجة إلى إمضاء شرعي أو تأسيس شرعي ، إلاّ أن ذلك إنّما هو بالنسبة إلى الملاّك الذين تكون إرادة الشارع فوق إرادتهم ، لا بالنسبة إلى ذلك المالك المطلق الذي لا تكون إرادة فوق إرادته ، وجملة من هذه التصرّفات وإن كانت قد جرت بها الطريقة العقلائية في السلاطين بالنسبة إلى رعاياهم ، وكان نفوذ تلك التصرّفات منهم محتاجاً إلى إمضاء من الشارع ، إلاّ أن إرادة ذلك السلطان المطلق تكون فوق إرادة السلاطين.
ثمّ إنّه قدسسره قال فيما حرّرته عنه ما هذا لفظه : إنّ مسألة الولاية والقضاوة ونحوهما بمعنى أنّ له عليهالسلام السلطنة على نصب الوالي والقاضي وأنّه إذا نصبه كان كذلك ، أمر مجعول ، بمعنى أنّ الشارع جعل هذا الأمر الكبروي الكلّي ، أعني أنّ للإمام عليهالسلام نصب هؤلاء وأنّ نصبه يكون نافذاً ، غاية الأمر أنّ هذا الموضوع الكلّي ـ أعني الإمام عليهالسلام ـ منحصر في فرد. ولا يخفى أنّ الولاية الخاصّة التي جعلها مثلاً لمالك أو لمحمّد بن أبي بكر ، والقضاوة الخاصّة التي جعلها لشريح ، لا ربط لها بهذا الأمر الكلّي ، فإنّها صغريات لذلك الأمر الكلّي ، نظير الملكية الخاصّة التي هي مسبّبة عن العقد الفلاني. نعم في مقبولة ابن حنظلة المتضمّنة