لقوله عليهالسلام : « فقد جعلته قاضياً » (١) إشكال منشؤه أنّ هذا نصب خاصّ ، ومقتضى النصب الخاصّ أنّه يبطل بموت من نصبه ، والمفروض أنّ هذا النصب لا يبطل بموته عليهالسلام. وقد أجبنا عن هذا الإشكال في محلّه بما ملخّصه : أنّ النصب في هذه الرواية متوسّط بين الصغرى والكبرى ، فمن حيث إنّه نصب صدر من سبب خاصّ يكون نصباً خاصّاً ، ومن حيث إنّ موضوعه أمر كلّي ، وهو كلّي من نظر في حلالهم وحرامهم وعرف أحكامهم ، يكون المجعول فيه هو النصب الكلّي ، انتهى.
قوله : بل ينبغي أن يقال : إنّ المجعولات الشرعية التي هي من القضايا الكلّية الحقيقية على أنحاء ثلاثة : منها ما يكون من الحكم التكليفي ، ومنها ما يكون من الحكم الوضعي ، ومنها ما يكون من الماهيات المخترعة ... الخ (٢).
وبذلك يريد إخراج المناصب الخاصّة مثل الولاية والقضاوة ، فإنّ الجعل فيها ليس براجع إلى القضية الكلّية الحقيقية. نعم جعل المنصب العام مثل جعل القضاء والحكومة لكلّ مجتهد عادل يكون من قبيل الأحكام الوضعية. لكن مع ذلك لم يتّضح الضابط للأحكام الوضعية ، إلاّ أن يقال : إنّه ما لم يتعلّق بأفعال المكلّفين وليس من الماهيات المخترعة وكان جعله على نحو القضية الكلّية الحقيقية ، لكنّك قد عرفت الإشكال في قصر الحكم الوضعي بما يكون على نحو
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٣٦ ـ ١٣٧ / أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ١ ( مع اختلاف يسير ).
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٣٨٦.