كون الشكّ سابقاً فتأمّل. وسيأتي الكلام على هذه الفروع مفصّلاً في المبحث السادس من مباحث قاعدة الفراغ إن شاء الله تعالى فلاحظه (١).
قوله : وحاصل ما أفاده في وجه ذلك : هو أنّ الأحكام العقلية لا يكاد يتطرّق الاهمال والاجمال فيها ، فإنّ العقل لا يستقلّ بقبح شيء أو حسنه ـ إلى قوله ـ ولكن للنظر فيه مجال ... الخ (٢).
ملخّص ذلك مبني على ثلاث مقدّمات :
الأُولى : أنّ العقل لمّا كان هو الحاكم بالقبح لا يعقل أن يكون شاكّاً فيه ، بمعنى أنّه لو سئل عن فعل لابدّ أن يحكم بقبحه أو بعدم قبحه ، ولا يعقل أن يكون شاكّاً في حكم نفسه ، بحيث يقول إنّي لا أحكم بقبحه ويجوز أن يكون قبيحاً في الواقع ، لأنّ ذلك ممّا لا معنى له بالنسبة إلى الحاكم نفسه.
المقدّمة الثانية : أنّه لو حكم بقبح فعل فلا يعقل أن لا يميّز بين ما له الدخل في حكمه ممّا ليس له الدخل ، وحينئذ فلا يعقل أن يطرأ الشكّ في البقاء على حكمه ، لأنّ القيد الذي حصل انتفاؤه إن كان ممّا له الدخل كان موجباً لقطع العقل بانتفاء حكمه ، وإلاّ لم يكن انتفاؤه موجباً للشكّ في بقاء الحكم.
وبعبارة أُخرى : أنّ ملاك الحكم العقلي وما يكون له الدخل فيه يكون عين موضوعه ، فيكون الشكّ في أنّ القيد الفلاني هل له المدخلية في ذلك الحكم العقلي راجعاً إلى الشكّ في أنّ [ موضوع ] هذا القبح هل هو ذلك القيد أو هو نفس المقيّد.
الثالثة : أنّ الحكم الشرعي المستكشف بقاعدة الملازمة من الحكم
__________________
(١) راجع الحاشية الآتية في المجلّد الحادي عشر من هذا الكتاب ، الصفحة : ٤٠٤.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٣٢٠ ـ ٣٢١.