زائد على جعله الأمر المتعلّق بالكل ، فذلك ممّا لا يقوله عاقل.
وإن كان المراد هو أنّه قبل تعلّق الأمر هناك تركيب وهناك مجموع لوحظ مجموعاً ثمّ تعلّق به الأمر ، فهذا أيضاً غير قابل للانكار ، إذ لا يمكن أن ينكره عاقل ، وحينئذ ننقل الكلام إلى جميع تلك الأفعال المتفرّقة ولحاظها شيئاً واحداً مرتبطاً بعضها ببعض ، فلنا أن نقول إنّه جعل وخلق ، ولنا أن نعبّر عنه بمقام الاختراع ، وهو لا يحتاج إلى خطبة أو إعلان وصعود منبر يقول فيه إنّي قد ركّبت هذا المجموع من كذا وكذا ، بل يكفي فيه ما عرفت من لحاظ تلك المجموعة شيئاً واحداً ولو في الرتبة السابقة على إيجاد الأمر المتعلّق بها ، بل يكفي فيه أن يتصوّرها كذلك في مقام إيراده الأمر عليها ، ولنا حينئذ أن نسمّي ذلك المجموع الملحوظ في ذلك المقام بالماهيات المخترعة ، وأن نسمّي ذلك المقام مقام اختراع ، وإن شئت فعبّر عنه بمقام خلق ذلك المجموع وجعله كأنّه ماهية بسيطة في عرض سائر الماهيات ، لكنّه ليس بحقيقي ، بل هو تشريعي لا تحقّق له إلاّفي وعاء الاعتبار التشريعي.
وحينئذ فلنا أن نقول : إنّ الجزئية لذلك الجزء مجعولة ، وبعد الفراغ من ذلك الاختراع يعلّق الأمر بالمجموع ، فيكون ذلك الاختراع بالنسبة إلى ذلك الأمر كنسبة الموضوع إلى الحكم. وحاصل ما ندّعيه أنّ التركيب سابق على الأمر ، وهو ـ أعني التركيب ـ اعتبار شرعي حاصل باعتبار الشارع ، وذلك عبارة أُخرى عن جعله ، فيكون من المجعولات الشرعية ، وليس هو إلاّ اعتبار أنّ هذا الفعل مربوط بذلك الفعل ، وأنّ هذا جزء وهذا جزء وذلك جزء وهكذا ، فتكون الجزئية مجعولة شرعية ، وتكون من جملة الاعتبارات الشرعية ، وذلك عبارة أُخرى عن كونها حكماً شرعياً ، غايته أنّه وضعي في قبال التكليفي ، إذ ليس المراد من الحكم