ولا انتزاعية.
ولكن هذا التركّب الواقعي لا يغني عن التركّب الشرعي الذي هو عبارة عن لحاظ المجموع شيئاً واحداً ، غايته أنّ الشارع يجري في ذلك اللحاظ على ذلك المجرى الواقعي ، ولأجل [ ذلك ] لو فرضنا محالاً أنّ الشارع لا يجري على ذلك المجرى ، بل عند تعليق أمره بتلك الأفعال لم يلاحظ اجتماعها ووحدتها ، بل لاحظها متفرّقة وعلّق أمره بها على ما هي عليه من التعدّد والتفرّق ، بل لم يكن أمره بها إلاّكما ينظر إلى الصلاة والصوم والزكاة والحجّ على ما هي عليه من التفرّق ويقول افعلوها ، إذ لا يكون في البين حينئذ كلّية ولا جزئية ، بل لا يكون إلاّ أفعال متعدّدة ذات أوامر متعدّدة ، جمعها بأمر واحد وهو قوله : افعلوها.
وبالجملة : أنّ الشارع حينما يأمر بذلك المجموع إن لاحظه شيئاً واحداً كان ذلك عبارة أُخرى عن اختراع التركيب بينها ، على وجه يكون كلّ واحد من تلك الأجزاء داخلاً في ذلك المجموع ، ويكون هذا التركيب عين جزئية كلّ واحد من تلك الأجزاء ، لأنّ لحاظ المجموع شيئاً واحداً عبارة أُخرى عن لحاظ تلك الأجزاء منضمّاً بعضها إلى بعض ، فليس لحاظ الكلّية إلاّلحاظ الأجزاء مجتمعة ، وليس لحاظ الأجزاء مجتمعة إلاّلحاظ الجزئية لكلّ واحد منها ، وحينئذ فبعد كون ذلك اللحاظ عبارة عن الاعتبار الشرعي كانت الجزئية مجعولة بعين جعل الكل ، لكن هذه الجزئية ليست هي عبارة عن الجزئية لما هو المأمور به المتأخّرة عن تعلّق الأمر بالمركّب ، فإنّ تلك انتزاعية صرفة كما أفادوه ، بل إنّ الجزئية التي ندّعي جعلها في عالم التشريع هي التابعة للماهيات الاختراعية بالنحو الذي ذكرناه من الاختراع ، أعني به اعتبار المركّب ولحاظه مركّباً في الرتبة السابقة على التركيب ، التي هي عين لحاظ كلّ واحد من تلك الأفعال داخلاً في ضمن ذلك