الثاني فبالوجدان ، وأمّا الأوّل وهو الخلّية الواقعية فبالقطع نفسه ، لأنّ من قطع بأنّ هذا المائع خل فقد أحرز خلّيته وجداناً. وبعبارة أُخرى : أنّ من قطع بأنّ هذا المائع خل فقد قطع بالخلّية الواقعية ، وبكونه قاطعاً بأنّه خلّ واقعي. ثمّ لو تبيّن لنا بعد ذلك أنّ ذلك المائع كان خمراً ، كان ذلك التبيّن بالنسبة إلى حجّية ذلك القطع من قبيل التبدّل ، لكنّه بالنسبة إلى الحكم الواقعي المترتّب على الخل الواقعي المقطوع كونه خلاً يكون من قبيل انكشاف الخلاف ، لأنّه قد تبيّن بذلك فقدان أحد جزأي ذلك الموضوع وهو الخلّية الواقعية.
ولو قامت الأمارة كالبيّنة على كون ذلك المائع خلاً ، وقد دلّ الدليل على قيام تلك الأمارة مقام القطع الطريقي المأخوذ في موضوع ذلك الحكم الواقعي أعني وجوب التصدّق على نحو جزء الموضوع ، لزمنا العمل على طبقها من وجوب التصدّق ، لأنّا بواسطة دليل حجّيتها قد أحرزنا كلا جزأي ذلك الموضوع بالنحو الذي ذكرناه في القطع المذكور ، حسبما شرحناه في مبحث حجّية القطع (١) من توجيه لزوم العمل على طبق تلك الأمارة المفروض قيامها مقام القطع الطريقي المأخوذ جزءاً من موضوع الحكم ، لكونها محرزة لكلا جزأي الموضوع ، فراجع.
ثمّ إنّه لو تبيّن بعد ذلك أنّ ذلك المائع لم يكن خلاً بل كان خمراً ، فذلك التبيّن يكون بالنسبة إلى حجّية تلك الأمارة من قبيل التبدّل ، وبالنسبة إلى الحكم الواقعي المترتّب على الموضوع المركّب المذكور من قبيل انكشاف الخلاف.
إذا عرفت هذه المقدّمات فاعلم أنّا لو كنّا عالمين بالأمس بأنّ هذا المائع خل ، وفي هذا اليوم شككنا في بقاء خلّيته واحتملنا انقلابه خمراً ، وحكم الشارع
__________________
(١) راجع المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٨٥ ـ ٨٩.