المتيقّن السابق أمر جزئي حقيقي لا ترديد فيه وإنّما الترديد في المحل ، تقريب قوي لإجراء الاستصحاب ، فإنّ المستصحب حينئذ هو نفس ذات زيد ، وكونها في الجانب الشرقي أو الجانب الغربي أجنبي عن حقيقة الذات ، وإنّما أقصى ما فيه أنّه مثير للشكّ في بقاء تلك الذات ، وما أُفيد من قوله : فهو أشبه باستصحاب الفرد المردّد عند ارتفاع ... ، لم نعرف وجه الشبه فيه ، مع أنّ المشابهة لا تقتضي الالحاق في الحكم إلاّبعد تأتّي نفس الملاك ، ومن الواضح أنّ ملاك المنع في الفرد المردّد لا ينطبق على الذات المتيقّنة ، أو النجاسة المتيقّنة في الثوب المردّدة بين كونها في الأعلى وكونها في الأسفل.
وقد نقلنا عنه قدسسره في مسألة العباءة ما هذا نصّه : وهو أنّ المتيقّن في هذه المسألة من قبيل الكلّي في المعيّن المردّد بين تلك الأطراف ، ومن الواضح أنّ قوام الكلّي في المعيّن إنّما هو بحفظ الأفراد التي كان ذلك الكلّي مردّداً بينها ، فإذا زال أحد تلك الأطراف فقد زال ذلك الكلّي ، فمن علم أنّ درهماً من تلك الدراهم العشرة التي هي عنده مثلاً مغصوب ، ثمّ تلف أحد تلك الدراهم ، لم يمكنه استصحاب وجود ذلك الدرهم في الباقي ، حيث إنّ المتيقّن إنّما هو الفرد المردّد بين العشرة دون التسعة ، فإنّ هذه التسعة من أوّل الأمر لم يتيقّن بوجود
__________________
اغتسل لها ، أو أنّه من جنابة جديدة ، فهل هو من هذا القبيل أعني التردّد في المحل ، أو أنّه من قبيل الشكّ في المقدّم والمؤخّر من الحادثين ، أو أنّه من قبيل الدم المردّد بين كونه من الدم المسفوح أو الباقي في الذبيحة ، راجع العروة [ العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ١ : ٥٠١ / غسل الجنابة مسألة ١. ] وطهارة المرحوم الحاج آغا رضا قدسسره [ مصباح الفقيه ( الطهارة ) ٣ : ١٦٨ وما بعدها. ] وما حرّرناه بعنوان تنبيه في مبحث الحادثين المجهولي التاريخ أو المعلوم أحدهما [ منه قدسسره راجع المجلّد العاشر من هذا الكتاب ، الصفحة : ٢٢٤ وما بعدها ].