ولا يخفى عليك الفرق بين هذه الطريقة وطريقة الشيخ قدسسره ، فإنّ طريقة الشيخ مبنية على أساس أنّ وجود الفردين لا يزيد على وجود الطبيعة ، وأنّ وجود الطبيعة في الفرد ووجودها في الفردين وجود واحد ، وإنّما الاختلاف بينهما في السعة والضيق ، ولأجل ذلك توجّه عليه إيراد الكفاية بأنّهما وجودان لا وجود واحد ، وإيراد شيخنا قدسسره بأنّ الطبيعي لا وجود له ، وإنّما الموجود هو الحصّة والحصص متباينة ، بخلاف هذه الطريقة فإنّها مبنية على أنّ موضوع الحكم هو صرف الوجود ، وهو ناقض العدم ، وهذا المعنى ـ أعني صرف الوجود وناقض العدم المطلق ـ لا اختلاف فيه بين وجود الفرد الواحد ووجود الفردين ، لا من حيث السعة والضيق ، ولا من حيث التعدّد والتكثّر.
وعلى كلّ حال ، فقد أورد عليه صاحب نهاية الدراية بما هذا لفظه : والجواب أنّ الوجود المضاف إلى شيء بديل لعدمه وطارد له بحسب ما أُخذ في متعلّقه من القيود ، فناقض العدم المطلق مفهوم لا مطابق له في الخارج ، وأوّل الوجودات ناقض للعدم البديل له والقائم مقامه ، وما يرى من أنّ عدم مثله يوجب بقاء العدم كلّية على حاله ليس من جهة كونه ناقضاً للعدم المطلق ، بل لأنّ عدم أوّل الوجودات يلازم عدم ثاني الوجودات وثالثها إلى الآخر الخ (١).
[ ولا ] يخفى أنّ ناقض الشيء إنّما هو نقيضه ، فالعدم ناقض للوجود لكونه نقيضاً له ، والوجود ناقض للعدم لكونه نقيضاً له ، وحينئذ نقول : إنّ العدم المطلق ليس إلاّعبارة عن عدم الطبيعة ، وهو المعبّر عنه بالسلب الكلّي ، ونقيضه هو الإيجاب الجزئي ، وهو عبارة أُخرى عن صرف الوجود ، ولو كان كلّ وجود نقيضاً لعدم ذلك الوجود الخاصّ ، بقي عدم الطبيعة المعبّر عنه بالعدم المطلق بلا
__________________
(١) نهاية الدارية ٥ ـ ٦ : ١٥١ ـ ١٥٢.