قوله : وليس عملهم على ذلك لأجل حصول الاطمئنان لهم بالبقاء أو لمحض الرجاء ... الخ (١).
قال في الكفاية في الردّ على الاستدلال بالسيرة العقلائية : وفيه أوّلاً : منع استقرار بنائهم على ذلك تعبّداً ، بل إمّا رجاءً واحتياطاً ، أو اطمئناناً بالبقاء ، أو ظنّاً ولو نوعاً ، أو غفلة كما هو الحال في سائر الحيوانات دائماً وفي الإنسان أحياناً الخ (٢).
أمّا الاحتياط فقد أجاب عنه شيخنا قدسسره بما حاصله : أنّه ربما كان العمل على البقاء مخالفاً للاحتياط ، لكون عدم البقاء هو مورد الأثر الالزامي ، لكن لعلّ مراد الكفاية هو إنكار جريان السيرة على الأخذ بالحالة السابقة إلاّفيما وافق الاحتياط ، وحينئذ ينحصر الجواب عنه بإثبات جريانها حتّى فيما خالف الاحتياط.
وأمّا الغفلة فالجواب عنها واضح ، إذ لا وجه لدعوى كون جميع ما جرت به السيرة العقلائية على البقاء ناشئاً عن الغفلة وعدم الالتفات إلى احتمال عدم البقاء وإلاّ لم تكن سيرة عقلائية.
وأمّا الاطمئنان والظنّ النوعي بالبقاء فهو إنّما يضرّ لو قلنا بحجّية الاستصحاب تعبّداً صرفاً من دون جهة تقتضيه ، أمّا لو قلنا بحجّيته من باب الاطمئنان والظنّ فلا يكون ذلك مضرّاً بالاستدلال ، لكن لا يلزم ذلك أن يكون كلّ ظنّ نوعي حجّة ، بل هو خصوص ما جرت الطريقة العقلائية على الاعتناء به وترتيب الأثر عليه ، ما لم يكن هناك ما يوجب الردع عنه شرعاً ، سواء كان من موارد الاستصحاب ، أو غيره ممّا جرت السيرة على العمل به من موارد الاطمئنان
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٣٢.
(٢) كفاية الأُصول : ٣٨٧.