لارتفاع الأوّل وانعدامه ، بل يكون الوجود الثاني حينئذ حدوثاً لصرف الوجود ، ولا يكون بقاءً لصرف الوجود ، فلا يتمّ ما هو ظاهر عبارة الدرر ، أعني قوله : وممّا ذكرنا يظهر حال القسم الآخر ، وهو ما لو شكّ في وجود فرد آخر مقارناً لارتفاع الموجود من دون تفاوت أصلاً (١).
ويمكن على بُعد إرجاع قوله : « وممّا ذكرنا » إلى قوله : « نعم لو أُريد استصحاب الوجود الخاصّ ـ إلى قوله ـ فاختلّ أحد ركني الاستصحاب ». وحينئذ يكون قائلاً بعدم جريان الاستصحاب في القسم الثاني لاختلال أحد ركني الاستصحاب فيه ، لأنّ الفرد الثاني لو جاء عند ارتفاع الأوّل فقد جاء في ظرف ارتفاع صرف الوجود ، ويكون الشكّ فيه شكّاً في حدوث صرف الوجود بعد انعدامه ، فلا يجتمع فيه أركان الاستصحاب ، لكن ذلك بعيد عن مساق العبارة فتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّا لو سلّمنا لصاحب الحاشية المذكورة ما ذكره من أنّ أوّل الوجود ليس بناقض للعدم المطلق ، وإنّما هو ناقض لعدم نفسه ، فهل خرج بذلك عن كونه صرف الوجود ، فلو كان لنا أثر مترتّب على صرف الوجود أفلا نرتّبه على هذا الذي هو أوّل وجود ، لا أظنّه يدّعي ذلك ، وإلاّ لتوقّفت أحكامنا المترتّبة على صرف الوجود.
ثمّ بعد تسليم تحقّق صرف الوجود بأوّل وجود ، فهل لو انضمّ إليه فرد آخر مقارن لأوّل الوجود أو متأخّر عنه ، فهل ذلك الوجود الثاني إلاّمنضم للوجود الأوّل في تحقّق صرف الوجود وانطباقه عليهما ، أليس إنّ صرف الوجود مستمرّ من حين الوجود الأوّل إلى ما بعد الوجود الثاني. فإذا تمّت هذه الجهات فقد تمّ ما
__________________
(١) درر الفوائد ١ ـ ٢ : ٥٣٨.