قوله : ولكن الظاهر أنّه يجوز للمكلّف في المثال فعل كلّ مشروط بالطهارة ـ إلى قوله ـ لا لأنّ الاستصحاب في المثال ليس من القسم الثالث ... الخ (١).
لا يخفى أنّ المكلّف لو كان محدثاً بالأصغر ثمّ عرضته الجنابة فالاحتمالات في ذلك ثلاثة :
الأوّل : أن يكون طروّ الجنابة موجباً لزوال الحدث الأصغر وتبدّله بالحدث الأكبر ، لا من جهة أنّ الحدث الأكبر رافع شرعي للحدث الأصغر ، بل من جهة اندكاكه فيه ، فيكون من قبيل الرافع التكويني للحدث الأصغر.
الثاني : أن يكون ذلك من قبيل الاختلاف بالشدّة والضعف ، فيكون من قبيل ما لو كان في البين سواد ضعيف ثمّ طرأ عليه ما يوجب اشتداده ، فكأنّ تلك المرتبة بقيت بحالها غير أنّها زادت واشتدّت ، ولعلّ هذا عبارة أُخرى عمّا تقدّم من الاندكاك.
الثالث : أن يكون ذلك من قبيل الفردين المتباينين ، بحيث إنّه كان طبيعة الحدث موجودة في ضمن الأصغر وهي باقية إلى الآن ، لكن وجد الحدث في ضمن فرد آخر وهو الأكبر ، فهو نظير ما لو وجد زيد أوّلاً ثمّ وجد عمرو واجتمعا في الوجود.
والظاهر أنّ هذا الوجه بعيد في الغاية ، ولا يرد عليه أنّه يلزم عليه الوضوء والغسل ، فإنّه وإن كان مقتضاه ذلك ، إلاّ أن الدليل دلّ على كفاية الغسل عن الوضوء.
وقد عرفت أنّ الوجه الثاني راجع إلى الأوّل ، لأنّ اجتماع المرتبة الضعيفة
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٢٦.