فدخل المخدع ، وبعد أن خرج شكّ في أنّه عند دخوله في المخدع هل كان قد توضّأ وصلّى ، أو أنّه لم يفعل شيئاً من ذلك بل قد أجنب ، فإنّ منشأ الإشكال فيه هو أنّه بعد فرض جريان استصحاب الحدث الأصغر في حقّه ، لو أراد الوضوء والصلاة بدون غسل الجنابة ـ إذ لم يثبت موجبه بل كان استصحاب عدمها جارياً في حقّه ـ يعلم بعدم كونه مأموراً بهما ، إمّا لأنّه على جنابة وإمّا لأنّه قد امتثلهما.
والجواب عنه : هو المنع من جريان استصحاب الحدث الأصغر في حقّه ، للعلم بارتفاعه إمّا بالوضوء أو بالجنابة ، بناءً على ما قدّمناه من عدم اجتماع الحدث الأصغر مع الجنابة ، وحينئذ فمقتضى أصالة الاشتغال في الصلاة السابقة المحتملة ولزوم إحراز الشرط في الصلوات اللاحقة ، هو لزوم الغسل وإعادة الصلاة السابقة المحتملة. وأمّا استصحاب عدم الجنابة فهو وإن اقتضى عدم لزوم الغسل ، إلاّ أنه إنّما يقتضي ذلك إذا أمكنه الوضوء ، فبفعل الوضوء وأصالة عدم الجنابة يكون محرزاً للشرط في الصلوات الآتية ، أمّا إذا لم يمكنه الوضوء لما عرفت من العلم بعدم كونه مأموراً به ، فلا ينفعه أصالة عدم الجنابة.
ولو كان متطهّراً من الأصغر والأكبر ، وتردّد في الحادث بين الصلاة والحدث الأكبر ، جرى في حقّه استصحاب الطهارة ، لكنّه لا ينفعه في هذه الصلاة المعادة للعلم بعدم مطلوبيتها ، فلابدّ له حينئذ من الغسل ، نعم ينفعه بالنسبة إلى الصلوات الأُخر إذا أراد فعلها قبل إعادة تلك الصلاة. وينبغي مراجعة أوّل حاشية من حواشي ص ١٦ وحاشية ص ٢٥٩ (١) فيما لو توضّأ غفلة بمائع مردّد بين البول والماء الطاهر.
والأولى في هذا الفرع ـ أعني فرع المخدع ـ أن يقال : إنّه لا يجري في حقّه
__________________
(١) راجع المجلّد السابع ، الصفحة : ٥٢٠ وما بعدها ، وكذا المجلّد الحادي عشر من هذا الكتاب ، الصفحة : ٥٣٩.