بجميع أنحائه من قبيل هادم الحياة ورافعها ، وإن كان بعضه بالدقّة راجعاً إلى انتهاء أمد الحياة باعتبار انتهاء الاستعداد الطبيعي. ولا يخفى أنّ ذلك لو سلّم في الحياة فلا نسلّمه في نضارة الورد والنبات وعدم انتهاء أمد زهرته ونضارته. وعلى الظاهر أنّه لا إشكال في استصحاب بقاء تلك الزهرة والنضارة ولو مع الشكّ في انتهاء أمدها الطبيعي ، وهكذا الحال في نضارة الشباب وزهرته.
لا يقال : لا ريب في عدم الأخذ بالاستصحاب فيما لو تردّد النفط الموضوع في الضياء بين كونه ربع أو نصف أوقية.
لأنّا نقول : نعم ، ولكن من جهة أنّ الربع الثاني مشكوك الوجود منفي بالأصل ، وهذا بخلاف ما لو كان معلوم المقدار ولكن لم نعلم مقدار مدّة إضائته ، أو كان مردّداً بين النفط وما هو أبقى منه ، فإنّه في مثل ذلك يكون الشكّ في المقتضي والظاهر جريان الاستصحاب فيه.
فتلخّص : أنّ استصحاب حياة الإنسان أو الحيوان لا يكون من قبيل الشكّ في المقتضي ، إمّا لما يراه العقلاء أو العرف من كون الموت هادماً للحياة وإن كانت في آخر أدوارها من الشيخوخة ، وإمّا لدعوى كونه هادماً لها حقيقة ، باعتبار أنّ الحياة عبارة عن كون النفس الناطقة حالّة في تلك المادّة المتبادلة المستمرّة في أخذ ودفع.
وإن شئت فقل : إنّ الحياة بمنزلة شعلة النار على أرض من الحطب تسير أينما وجد ذلك الحطب ، بل إنّها أوضح بقاء من النار ، فإنّ ما تأخذه النار تعدمه وتجعله رماداً ، بخلاف الحياة فإنّ ما تأخذه من المادّة وتفرزه يعود إلى حالته الأصلية من المادّة التي هي قوام هذه الحياة ، فيوشك أن تعود إليها ، ومن الواضح أنّ ما هذا شأنه يكون قابلاً للبقاء ، غير أنّ المشيئة الإلهية اقتضت انعدام تلك