وأمّا ما أشار إليه ممّا أفاده في الحاشية على الكفاية ، فالظاهر أنّ المراد به ما أفاده في المجلّد الثاني في مسألة ما لو وجب القيام في النهار مثلاً وقد علم بانقضاء النهار وشكّ في بقاء الوجوب بعده ، فإنّ صاحب الكفاية قدسسره قيّد الرجوع في ذلك إلى استصحاب الوجوب بخصوص ما لم يؤخذ الزمان فيه إلاّظرفاً لثبوته لا قيداً مقوّماً لموضوعه الخ (١) وأجاب عنه بقوله : وفيه أنّ قيد الزمان كسائر القيود التي تؤخذ في موضوعات الأحكام لا يوجب انتفاؤه تعدّد الموضوع (٢) ، وقاس ذلك على مثال التغيّر والنجاسة وزوال التغيّر.
ومن الواضح أنّ هذا إنّما ينفع في تصحيح استصحاب التكليف بعد العلم بارتفاع الظرف الذي هو النهار مثلاً والشكّ في بقاء نفس وجوب الصوم بعده ، ولا دخل له بما عرفت من الإشكال الراجع إلى أنّ استصحاب الحكم المذكور لا يترتّب عليه الجهة المطلوبة ، أعني إحراز قيد الفعل المأمور به الذي هو مقارنته للزمان المذكور أو وقوعه فيه ، فلاحظ.
ثمّ إنّ قياس المسألة على مسألة التغيّر لعلّه مع الفارق ، لأنّ باب التسامح في مسألة التغيّر راجع إلى دعوى كون التغيّر علّة في النظر العرفي على ما عرفت تفصيله ، وباب التسامح في المسألة المذكورة ـ أعني القيام في النهار ـ راجع إلى دعوى التسامح العرفي في القيد الذي هو الزمان ، وأنّه من باب الظرفية الصرفة لا من باب القيدية.
ولو سلّمنا كون التسامح في المسألتين واحداً فهو غير مربوط بما نحن فيه ، لأنّ المفروض فيما نحن فيه أنّ الزمان قد أُخذ ظرفاً للصوم الواجب ، وأنّ الصوم
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٠٩.
(٢) حقائق الأُصول ٢ : ٤٦٤.