وأمّا ما في المستمسك (١) من كون النهار عبارة عن حركة الشمس وسيرها من المشرق إلى المغرب ، وهو لا يصلح لظرفية الإمساك ، وإنّما يصلح للمقارنة مع الإمساك ، نظير مقارنة الطهارة للصلاة ، وهما معاً مظروفان للأمد الموهوم ، ففيه أوّلاً : المنع من كون النهار بمعنى تلك الحركة ، وإنّما هو عبارة عن أمدها. وثانياً : لو سلّمنا كونه بمعنى نفس تلك الحركة فلا أقل من كونه ـ أعني الامساك ـ مظروفاً للأمد الذي هو ظرف لهما ، كما يعطيه قوله : فمعنى قوله صم في النهار ، صم في زمان فيه النهار (٢) وحينئذ لا يكون استصحاب النهار بمعنى تلك الحركة كافياً في تحقّق القيد المذكور ، أعني كون الامساك واقعاً في الزمان الخاصّ ، أعني الزمان الذي فيه النهار.
اللهمّ إلاّ أن يكون المراد هو أنّ القيد المأخوذ في فعل المكلّف هو مقارنته لحركة الشمس من المشرق إلى المغرب ، وهما معاً مظروفان للأمد الموهوم ، إلاّ أنّ هذه الظرفية قهرية ولم تكن مأخوذة قيداً في فعل المكلّف. وفيه تأمّل ، لأنّ المدار على النظر العرفي لا الدقّة. ولعلّ ما أفاده شيخنا قدسسره فيما حرّره عنه السيّد من هذا القبيل ، فإنّه قال : ويمكن أن يؤخذ بنحو مفاد كان الناقصة ، بأن تعتبر الظرفية وحيثية وقوع العبادة فيه الخ (٣) فراجعه.
ولا يخفى أنّا لو أخذنا الزمان الخاصّ قيداً في الفعل الواجب على نحو الظرفية ، بأن كان الواجب هو الفعل الواقع في الزمان الخاصّ ، فاستصحاب بقاء الزمان الخاصّ لا ينقّح لنا هذا القيد أعني وقوع الفعل فيه ، لأنّ استصحاب وجود
__________________
(١) مستمسك العروة الوثقى ٨ : ٣٩٤ ، ٤٧٣.
(٢) مستمسك العروة الوثقى ٨ : ٤٧٣.
(٣) أجود التقريرات ٤ : ١٠٧.