الخراساني قدسسره في كفايته والسيّد سلّمه الله في حقائقه ، وقد عرفت التأمّل في ذلك فراجع كلماتهم.
لا يقال : إنّا إذا لاحظنا الامساك شيئاً واحداً مستمرّاً من أوّل النهار إلى أن ينتهي نفس الامساك ، فكما يصحّ لنا أن نقول إنّه وجد الامساك من أوّله إلى آخره بوجود أوّل جزء منه ، ولأجل ذلك نستصحب وجوده عند الشكّ في انقضائه لو تصوّرنا الشكّ في انقضائه ، كما لو كان الممسك غيرنا ، وتقدّم نظيره في نفس الزمان ، فكذلك يصحّ لنا أن نقول إنّ إمساكنا متّصف بأنّه نهاري ، أو أنّه موجود في النهار عند وجود أوّل جزء منه ، وحينئذ فعند الشكّ في انقضاء النهار نشكّ في بقاء إمساكنا على ما كان عليه من كونه نهارياً ، فنجري الاستصحاب في اتّصافه ، ولعلّ هذا هو المراد للعلاّمة الأصفهاني قدسسره في حاشيته بقوله : فيقال هذا الامساك الواحد كان نهارياً والآن كما كان الخ (١) ، وكذا ما أفاده صاحب الدرر في جواب لا يقال المذكورة فيما تقدّم (٢) من نقل كلامه ، وكذا ما في الحقائق من قوله (٣) : فإنّ استصحاب كون الامساك في رمضان يوجب كونه واجباً الخ.
لأنّا نقول : إن اعتبار الوحدة للامساك المستمرّ إنّما هي بالنسبة إلى ما يكون من أوّل النهار إلى آخره ، وهذا المقدار من الامساك ممّا لم يحصل الشكّ في بقاء اتّصافه بكونه نهارياً ، ولو كان الملاحظ وحدته هو الإمساك من أوّل وجود نفسه إلى آخر وجود نفسه وإن لم يكن آخره هو آخر النهار ، فهذا الامساك الواحد لم يكن بتمامه متّصفاً بكونه نهارياً ، وإنّما المتّصف بكونه نهارياً هو
__________________
(١) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ١٥٨.
(٢) في الصفحة : ٤٢١.
(٣) المتقدّم في الصفحة : ٤١٩.