التمسّك باستصحاب الوجود فيما إذا أُخذ الزمان ظرفاً غير مستقيم ، لما عرفت من رجوع الشكّ فيه إلى الشكّ في المقتضي الخ (١) وأشار بقوله : لما عرفت ، إلى ما حرّره من قوله : فإنّ الشكّ في بقاء الحكم السابق فيما بعد ذلك الزمان المأخوذ ظرفاً لا قيداً ، لا ينفكّ لا محالة عن احتمال كونه مغيّى بالجزء الأخير من الزمان الخ (٢).
وإن كنت لم أتوفّق لمعرفة كون ذلك من قبيل الشكّ في المقتضي ، فإنّ الزمان ـ أعني اليوم مثلاً ـ إن جرّدنا الجلوس منه وربطناه بالوجوب ، فإن أُخذ ظرفاً لنفس الوجوب لا قيداً أو شرطاً فيه ، فلا محصّل حينئذ لاحتمال كونه مغيّى بالجزء الأخير ، وحينئذ يكون استصحاب الوجوب بلا مانع. وكأنّه ناظر في ذلك إلى أنّ الشكّ في كون الحكم مغيّى بالغاية الفلانية التي هي من الزمان لا الزماني ، يوجب كون الشكّ في بقائه من قبيل الشكّ في المقتضي ، لما تقدّم في تفسير الشكّ في المقتضي من احتمال كون الحكم محدوداً بالزمان.
ولكن لا يخفى أنّ معنى كون الزمان فيما نحن فيه ظرفاً للحكم كما سيأتي ، هو أنّ ذلك الزمان يكون ظرفاً لوجود الحكم لا قيداً فيه ، ويكون محصّل ذلك هو أنّ وجوب الجلوس كان متحقّقاً في النهار ، وبعد انقضاء النهار نشكّ في بقاء الحكم ، ومن الواضح أنّ هذا المعنى لا يجتمع مع كون آخر النهار غاية للحكم ، فإنّ كونه مغيّى بذلك عبارة أُخرى عن كون نفس النهار قيداً وشرطاً في الحكم على نحو ما دام ، بحيث يكون حدوثه شرطاً في حدوثه وبقاؤه شرطاً في بقائه ، وحينئذ فلا مجال فيه لاستصحاب بقائه بعد العلم بانتهاء ذلك ، لعدم الشكّ في
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ١١٢.
(٢) أجود التقريرات ٤ : ١٠٩.