ومن ذلك يظهر لك التأمّل في قوله : وحاصل الكلام ، وجوب الجلوس بعد الزوال وإن كان حادثاً مسبوقاً بالعدم ، إلاّ أن العدم المسبوق به ليس هو العدم الأزلي ، لانتقاض العدم الأزلي بوجوب الجلوس قبل الزوال الخ (١) فإنّ المراد من وجوب الجلوس بعد الزوال إن كان هو كونه مشروطاً ببعد الزوال ، وأنّ الزوال سبب في ذلك الوجوب ، كان المانع من استصحاب عدمه منحصراً بما أُفيد من انتقاض ذلك العدم بالوجوب الحاصل قبل الزوال ، وإلاّ بأن كان المراد بذلك هو أخذ الوجوب بعد الزوال مقيّداً ببعد الزوال ، بحيث يكون هو الوجوب المقيّد بأنّه الحاصل بعد الزوال ، لم يكن المانع من استصحاب عدمه هو مجرّد وجود الوجوب فيما قبل الزوال ، بل كان استصحاب عدمه ممتنعاً حتّى لو لم يكن الوجوب موجوداً فيما قبل الزوال ، والسبب في امتناعه هو ما شرحناه من أنّ الوجوب المقيّد بالزمان المذكور ليس له حالة سابقة ، وهو ما أشار إليه بقوله : فقبل الزوال ليس الوجوب المقيّد بما بعد الزوال متحقّقاً ، ولا عدم الوجوب المقيّد بذلك متحقّقاً ، إلاّعلى نحو السالبة بانتفاء الموضوع الخ (٢) وبقوله في العبارة السابقة : وبعبارة أوضح : العدم المقيّد بقيد خاصّ من الزمان أو الزماني إنّما يكون متقوّماً بوجود القيد ، كما أنّ الوجود المقيّد بقيد خاصّ إنّما يكون متقوّماً بوجود القيد ، ولا يعقل أن يتقدّم العدم أو الوجود المضاف إلى زمان خاصّ عنه ، فلا يمكن أن يكون لعدم وجوب الجلوس في يوم السبت تحقّق في يوم
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٤٦.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٤٤٧.