كان ولو قبل الشريعة الإسلامية ، ولم يكن الوجوب موجوداً فيه ، فلِمَ لا يجري فيه الاستصحاب المذكور ، وهل هو إلاّكما إذا شككنا في وجوب الفعل الفلاني في الزمان الفلاني ، وأيّ أثر لتقدّم الوجوب على الزمان المشكوك فيه في ناحية الاستصحاب المذكور.
ولكن لا يخفى عدم ورود هذا الإشكال ، لأنّ المستصحب عدمه إن كان هو الجعل فقد تعرّض شيخنا قدسسره لجوابه ، وإن كان هو نفس الوجوب المجعول فهو وإن كان وارداً على نفس الكلّي وهو كلّي ما بعد الزوال ، إلاّ أن المفروض تقييده بكونه الوجوب المقيّد بكونه بعد الزوال ، وهذا لا أصل له ، ولا يمكن استصحاب عدمه إلاّ إذا أُخذ مجرّداً عن الزمان ، وقيل إنّ وجود الوجوب فيما بعد الزوال مشكوك ، وهذا عبارة أُخرى عن أخذ الزمان المذكور ظرفاً لا قيداً ، فلاحظ.
وبالجملة : أنّ الذي يدّعي شيخنا قدسسره عدم جريان الاستصحاب في عدمه إنّما هو فيما لو أُخذ الزمان المذكور قيداً في الوجوب ، وهذا الذي توهّمناه من جريان الاستصحاب في عدمه إنّما هو نفس الوجوب لا الوجوب الخاص ، وذلك لا يمنع منه شيخنا قدسسره ، وإنّما يمنع من استصحاب عدم الوجوب الخاصّ ، أعني المقيّد بكونه فيما بعد الزوال ، وهذا الوجوب المقيّد بكونه واقعاً بعد الزوال لا يكون إلاّشخصياً ، وإن أخذناه كلّياً كان استصحاب العدم فيه عبارة أُخرى عن عدم الجعل لا عدم المجعول ، فلاحظ.
نعم ، العمدة إنّما هو في هذا التقييد ، وهل مفاده كما أُفيد من لحاظ الوجوب الموجود في الزمان الخاصّ ، أو أنّه ليس إلاّعبارة عن كون الزمان الخاصّ شرطاً في تحقّق الوجوب ، من دون أن يكون المشروط هو الوجوب