الغاية أو نسبة المانع ، والقسم الثاني يكون في الحقيقة عبارة عن اعتبارها الموجب لتحقّقها في عالم الاعتبار ، وهذا العالم كسائر العوالم لو وجد الشيء فيه يبقى على حاله ما لم يكن في البين ما يرفعه ويهدمه ، وحيث إنّ العالم عالم اعتبار فيمكن لذلك المعتبر الذي اعتبر وجود الملكية مثلاً في عالم الاعتبار أن يجعل لها رافعاً وهو الفسخ ، يرفع على وجه تكون رافعيته لها أيضاً اعتبارية ، وليس ذلك من باب أنّ اعتبارها محدود بعدم الفسخ لتكون الملكية المجعولة محدودة بعدمه ، وتكون نسبة الفسخ إليها كنسبة الغاية إلى ذي الغاية ، ليكون حال ما بعد الفسخ حال ما بعد الزوال ، ليكون مورداً لتوهّم المعارضة بين استصحاب الوجود واستصحاب العدم ، كما أفاده النراقي من تعارض استصحاب الملكية أو الطهارة إلى ما بعد الفسخ وعروض المذي مع استصحاب عدم جعل العقد سبباً للملكية فيما بعد الفسخ ، وأصالة عدم جعل الوضوء سبباً للطهارة فيما بعد المذي.
ولعلّ ما أفاده شيخنا قدسسره من قوله : إنّ رتبة جعل المذي رافعاً لأثر الطهارة أو غير رافع له إنّما تكون متأخّرة عن رتبة جعل الوضوء سبباً للطهارة ، فلا يعقل أخذ عدم رافعية المذي قيداً في سببية الوضوء للطهارة ، فتأمّل جيداً (١) ناظر إلى جواب هذا الايراد ، ولكن ذلك إنّما يتمّ لو سلّم الخصم الرافعية ولم يسقها مع الغاية بعصا واحدة ، ولعلّ الأمر بالتأمّل إشارة إلى ذلك ، وأنّ الخصم لا يسلّم الرافعية في الأُمور الاعتبارية ، ويدّعي عدم الفرق بين الرافع والغاية في أنّه عند حدوث كلّ منهما ينقطع الاعتبار ، فيكون الاعتبار عنده محدوداً بعدم الرافع كما يكون محدوداً بعدم الغاية ، وإلاّ فمع تسليمه الفرق بين الرافعية والغاية بما عرفت فكيف يعقل أن يكون الحكم مقيّداً برافعه المتأخّر عنه رتبة ، بل كيف يعقل
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٤٩.