يعلّق على عدم رافعه ، لأنّ فرض الرافع فرض وجود المرفوع ، فكيف يعلّق وجوده على عدم ما يتوقّف على وجوده ، مدفوع بأنّ المعلّق ليس أصل الوجود حتّى يلزم المحال ، بل بقاء الوجود ، والرافع لا يقتضي إلاّ أصله ، والتعليق لا يقتضي إلاّتوقّف البقاء ، مع أنّ الوجوب أيضاً كذلك. فتسليم صلاحية الحكم التكليفي لكلا النحوين من التقييد دون الحكم الوضعي بلا فارق (١) فإنّ الرافع وإن رجع إلى عالم البقاء إلاّ أنه يجري إشكال شيخنا قدسسره في البقاء أيضاً ، فإنّه ـ أعني البقاء ـ بعد فرض أنّه ليس باقتضاء الذات وأنّه يحتاج إلى جعل من الشارع ، فهو يجعل الحكم ويجعل بقاءه ، وحينئذ يتّجه الإشكال بأنّه كيف يقيّد الحكم بالبقاء بعدم رافع البقاء.
وإصلاح هذا الجواب بدعوى أنّ الرافع المعتبر عدمه في البقاء هو رافع الوجود لا رافع البقاء ، لا يخلو من تكلّف. مضافاً إلى أنّ كون الشيء رافعاً للوجود أو كونه رافعاً للبقاء لا يكون من ذاتياته التكوينية ، بل هو محتاج إلى جعل من الشارع ، ومع تحقّق جعل الرافعية لذلك الشيء ، سواء كانت هي رافعية الوجود أو هي رافعية البقاء ، يكون اعتبار عدمه في البقاء أو في أصل الوجود لغواً صرفاً ، فلاحظ وتأمّل.
ومن ذلك يظهر لك التأمّل فيما ذكره اعتراضاً على ما أفاده شيخنا قدسسره في مسألة الصوم والصحّة والمرض ، فقال في تتمّة العبارة التي نقلناها عنه ما هذا لفظه : ودعوى أنّ القيد هنا راجع إلى الموضوع وهو الايجاب على الصحيح والحاضر دون المريض والمسافر ، فلا تعليق للوجوب على عدم أمر زماني ، مدفوعة بأنّ مثله ممكن الجريان في الوضع ، بأن يقال قد اعتبرت الملكية لغير
__________________
(١) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ١٦٧.