الصحّة والمرض والحضر والسفر ليست من باب التقييد بعدم الرافع ، بل هي من قبيل تعدّد الموضوع ، وسنده في هذا التخيّل هو التفرقة التي ظهرت من شيخنا قدسسره فإنّه أجاب عن مسألة الصوم بأنّها من قبيل تبدّل الموضوع ، وعن مسألة المذي بأنّها من قبيل الرافع ، ولأجل ذلك نقض بامكان ذلك ، أعني تبدّل الموضوع في الوضعيات ، ثمّ قال : مع أنّه لا حاجة إلى هذا التوجيه والتصحيح ، لما يراه من إمكان التوجيه بقيدية العدم بعد فرض أنّها لا محذور فيها ، هذا.
ولكن لا يخفى أنّ شيخنا قدسسره لم يحصر المحالية بالأحكام الوضعية ، بل هي جارية في جميع الأحكام بل في كلّ شيء ورافعه ، وأنّ عدم الرافع لا يكون قيداً في ذلك الشيء.
نعم هنا مطلب آخر وهو أنّه هل يتصوّر التحديد والتقييد بعدم الغاية في الوضعيات ، وقد عرفت التفصيل فيه ، وأنّه هل يتصوّر الرافع في التكاليف ، والظاهر أنّه لا مجال لانكاره ، ولم يصرّح أحد بانكاره لا شيخنا ولا غيره ، ويشهد بذلك ما يعدّونه من مسقطات الأمر. نعم إنّ في الصوم والصحّة والمرض والسفر والحضر خصوصية فقاهتية ، حتّمت على شيخنا قدسسره الالتزام بكون المسألة في الصوم من قبيل تبدّل الموضوع لا من قبيل الرافع ، وهي ما تفيده الآية الشريفة وهي قوله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) الخ (١).
ولو أغضى شيخنا قدسسره النظر عن هذه الجهة لكان المرض عنده رافعاً لوجوب الصوم ، ولكان حاله بالنسبة إلى مواضع الشكّ منه حال المذي بالنسبة إلى الطهارة ، في عدم كون عدمه قيداً في الحكم الذي هو وجوب الصوم ، لعين
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٨٥.