الجلوس واجب بذلك الوجوب السابق المتعلّق بالجلوس المطلق ، وليس بواجب بوجوب جديد ، ولا منافاة بينهما كما عرفت فيما قدّمناه سابقاً في الأخذ بنظرية شيخنا قدسسره من لزوم كون الوجوب المنفي في الزمان الثاني وجوباً آخر غير الوجوب السابق هذا ، مضافاً إلى بطلان الرجوع إلى أصالة العدم في الوجوب الثاني ، فلاحظ.
قوله : فخلاصة الكلام فيه : هو أنّ الشكّ في بقاء الموضوع إن كان لأجل انتفاء بعض الخصوصيات التي يحتمل دخلها في موضوعية الموضوع فلا إشكال أيضاً في جريان استصحاب بقاء الموضوع إن لم تكن تلك الخصوصية من أركان الموضوع عرفاً ، ولا يضرّ انتفاؤها ببقائه في نظر العرف ... الخ (١).
لا يخفى أنّ استصحاب بقاء الموضوع في جميع الأحكام إنّما يجري عند الشكّ في بقائه لاحتمال ارتفاعه ، كأن يكون الموضوع مثلاً هو الكذب المقيّد بالضرر وقد شكّ في بقاء الضرر كما هو مورد الصورة الثانية ، أمّا هذه الصورة التي يكون ارتفاع الخصوصية فيها معلوماً لكن كان المكلّف يحتمل عدم دخلها في الموضوع ، فليست هي من موارد استصحاب الموضوع ، بل هي مورد استصحاب الحكم ، ويدفع إشكال اتّحاد القضية المتيقّنة مع القضية المشكوكة بما أُفيد من عدم كون تلك الخصوصية بحسب النظر العرفي ركناً.
أمّا استصحاب نفس الموضوع في هذه الصورة ، فإن أُريد به استصحاب عنوان الموضوعية لتلك الذات التي زالت عنها تلك الخصوصية ، فذلك عبارة أُخرى عن استصحاب الحكم ، وإن أُريد بذلك استصحاب وجود الموضوع على
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٥٢.