قوله : إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ العقل إذا استقلّ بحسن شيء أو قبحه ، فتارةً يكون له حكم واحد بمناط واحد ... الخ (١).
الظاهر أنّ الغرض من هذا التقسيم الايراد على ما أفاده الشيخ قدسسره بأن يقال : إنّ الضرر من قبيل القسم الثاني من الأحكام العقلية التي يجري فيها الاستصحاب عند الشكّ في البقاء.
وفيه تأمّل ، فإنّ الغرض من الاستصحاب إن كان هو ترتّب الحكم الشرعي وهو الحرمة فذلك لا ينكره الشيخ ، فإنّه صرّح بترتّب الحرمة على الاستصحاب المذكور ، فراجع الرسائل في التنبيه الثالث (٢) وإن كان الغرض من الاستصحاب هو ترتّب الحكم العقلي وهو القبح ، فهذا لا تقولون به أنتم ولا الشيخ ، وقد صرّح به الشيخ أيضاً.
وأمّا ما تقدّم نقله عن الشيخ من الابتناء على كون الاستصحاب من باب الظنّ ، فهو مطلب آخر حاصله : أنّا لو قلنا بأنّ الاستصحاب مفيد للظنّ ، وقلنا بأنّ موضوع حكم العقل بالقبح شامل للظنّ بالضرر ، فإنّ موضوع حكمه بالقبح هو إدراك الضرر إدراكاً راجحاً ، كان ذلك الاستصحاب موجباً لتحقّق موضوع الحكم العقلي ، فيترتّب الحكم العقلي ترتّباً قهرياً ، ولأجل ذلك عبّر بقوله : فيحمل عليه الحكم العقلي (٣) ، فلا يتوجّه عليه شيء حينئذ سوى دعوى أنّه لم يقل أحد بحجّية الاستصحاب من باب الظنّ الشخصي حتّى يبتني الكلام عليه ، وذلك سهل ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٥٦.
(٢) فرائد الأُصول ٣ : ٢١٧.
(٣) فرائد الأُصول ٣ : ٢١٧.