وسوى أنّ العقل في مورد احتمال الضرر يلزم بالاحتياط ، وهذا لم يظهر من الشيخ إنكاره ، وإنّما الذي صرّح هو أنّه لو قلنا بكون موضوع حكم العقل بالقبح هو الظنّ بالضرر ، لكان ذلك متحقّقاً بالاستصحاب بناء على حجّيته من باب الظنّ فتأمّل.
والحاصل : أنّ الشيخ قدسسره ليس بصدد الحكم العقلي الاحتياطي في هذا القسم من الأحكام العقلية ، ولعلّه قدسسره ينكر هذا الحكم الاحتياطي ، وإنّما جلّ غرضه هو أنّا لو قلنا بأنّ موضوع الحكم العقلي بلزوم دفع الضرر منوط بالاعتقاد الراجح ، لكان ذلك الحكم العقلي ثابتاً ثبوتاً واقعياً عند استصحاب الضرر بناءً على كون حجّيته من باب [ الظنّ ] ولابدّ حينئذ من التوفيق بين الظنّين ، أعني ما هو موضوع الحكم العقلي وما هو حاصل بالاستصحاب من حيث كونه نوعياً أو شخصياً.
قوله : إذا تبيّن ذلك فنقول : إنّه في القسم الأوّل من الأحكام العقلية لا تجري الأُصول العملية في موارد الشكّ في الموضوع ولا مجال للتعبّد بها ... الخ (١).
لا يخفى أنّ أظهر موارد القسم الأوّل حكم العقل بقبح التشريع الذي يكون موضوعه هو عدم العلم ، بمعنى عدم الحجّة الشرعية ، حيث إنّه يكون استصحاب عدم الحجّية عند الشكّ فيها ساقطاً ، لكفاية مجرّد الشكّ في تحقّق القبح المذكور ، لكن قد تقدّم في محلّه (٢) أنّ استصحاب عدم الحجّية وإن لم يكن
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٥٧.
(٢) في المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٣٦٦ وما بعدها.