جارياً لما ذكر ، إلاّ أن استصحاب الحجّية فيه جارٍ كجريان الأمارة النافية والأمارة المثبتة ، فلاحظ ما قدّمناه في ذلك الباب.
قوله : وأمّا إذا لم يكن في المشكوك أصل موضوعي محرز ووصلت النوبة إلى أصالة البراءة والحل ، فالحكم العقلي الطريقي يكون حاكماً ومقدّماً في الرتبة على أصالة البراءة والحل ، لأنّ موردهما أعمّ من المستقلات العقلية ، فلو قدّم أصالة البراءة والحل يبقى الحكم العقلي الطريقي بلا مورد ... الخ (١).
قال السيّد ( سلّمه الله تعالى ) فيما حرّره عن شيخنا قدسسره : بل لا محالة يحكم العقل في الموارد المشكوكة بحكم آخر طريقي. ومنه يظهر أنّه لا مجال في هذه الموارد للرجوع إلى أصالتي البراءة والحلّية ، فإنّ الحكم العقلي بالقبح في تلك الموارد المشكوكة طريقياً يكون مخصّصاً لأدلّة البراءة والحلّية ، بل يكون حاكماً عليها ، إذ لا يبقى مع حكم العقل بالقبح مجال للشكّ في الحلّية حتّى يكون مورداً لها الخ (٢).
ولا يخفى أنّ ما أُفيد في هذا التحرير لا يخلو عن تأمّل ، لأنّ صدر الكلام هو دعوى حكومة هذا الحكم العقلي الطريقي وتقدّمه في الرتبة على أصالة البراءة والحل ، فلا وجه لتعليله بأنّ هذا الحكم العقلي أخصّ فيلزم تقديمه على دليل البراءة وقاعدة الحل إذ لو عكس الأمر لزم كون ذلك الحكم العقلي الطريقي بلا مورد ، بل الذي ينبغي هو أن يعلّل هذه الدعوى بما تضمّنه تحرير السيّد سلّمه الله
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٥٧.
(٢) أجود التقريرات ٤ : ١١٨.