ثمّ لا يخفى أنّ أصل الإشكال كان في توجيه ظاهر الرواية من تطبيق النقض على الاعادة ، ومن الواضح أنّ كلاً من هذه الوجوه الثلاثة ـ أعني كون الشرط هو إحراز الطهارة ، أو أنّ المانع هو إحراز النجاسة ، أو تنجّز النجاسة ـ بعد فرض جريان استصحاب الطهارة ، إنّما يصحّح عدم وجوب الاعادة ، وليس شيء منها موجباً لانطباق النقض على الاعادة إلاّبتكلّف بعيد ، وهو أنّه بعد الالتزام بأحد هذه الوجوه يكون مرجع الاعادة إلى عدم حجّية الاستصحاب في ظرفه ، إذ لو كان حجّة في ظرفه لم يكن محل للاعادة ، فإذا قلنا بلزوم الاعادة مع قولنا بأحد الوجوه المذكورة ، كان ذلك عبارة أُخرى عن عدم حجّية الاستصحاب ، وهو عبارة أُخرى عن جواز نقض اليقين بالشكّ.
ولا يخفى ما فيه من التكلّف ، بل عدم انطباق النقض حقيقة على الاعادة هذا. مضافاً إلى أنّ الظاهر من سؤال السائل هو أنّه كان جاهلاً بحجّية الاستصحاب ، فكيف يصحّ الحكم بصحّة صلاته الواقعة في ظرف جهله بحجّية الاستصحاب الملازم لعدم استناده إليه ، وقد مرّ فيما سبق من المباحث أنّ الحكم
__________________
علمها بأنّ النجاسة منيّ ، وحينئذ يكون إقدام السائل على الصلاة لا من جهة القطع بحصول الطهارة ، بل من جهة تخيّله أنّ أصالة الصحّة جارية في غسل الجارية ، أو من جهة تخيّله أنّ إخبارها حجّة ، والإمام عليهالسلام أمره بالاعادة لعدم حجّية ذلك وتخطئته في تخيّل ذلك ، وبيان أنّ الحجّة عليه هو استصحاب النجاسة ، الذي عرفت أنّه عبارة عن استصحاب عدم الطهارة.
وحيث انتهى البحث إلى هنا فلنا أن نرجّح الأوّل على الوجه الثاني ، باعتبار ما عرفت من كونه مستلزماً للتسامح في الرواية بالتعبير عن عدم النجاسة بالطهارة ، بخلاف الوجه الأوّل فإنّه لا يحتاج إلى مثل هذا التسامح في لفظ الرواية الشريفة ، فلاحظ وتأمّل.