على الشكّ في البقاء.
وخلاصة المبحث : هي أنّ الإمام ( عليه الصلاة والسلام ) في هذه الصحاح الثلاث قد استعار اليقين بالحدوث للازمه الادّعائي ، الذي هو اليقين بالبقاء ، وأطلق عليه شيئاً من لوازم المستعار له وهو كون الشكّ ناقضاً له ، نظير استعارة الأسد للرجل الشجاع وإثبات شيء من لوازمه وهو « يرمي ». هذا على طريقة السكاكي.
وأمّا على طريقة أهل المجاز المفرد فهو أن يقال : إنّه عليهالسلام استعمل اليقين بالحدوث ـ أعني حدوث الوضوء مثلاً ـ في اليقين بالبقاء ، بعلاقة الملازمة بينهما ملازمة ادّعائية أو ملازمة ناشئة من الغلبة ، لأنّ الغالب أنّ الموجود يبقى ، فيكون اليقين بالوجود ملازماً لليقين بالبقاء ، فصحّ إطلاق اليقين بالوضوء على اليقين ببقائه ، والقرينة على هذا التجوّز وأنّه عليهالسلام لم يرد بقوله عليهالسلام : « على يقين من وضوئه » (١) اليقين بأصل الوضوء ، بل أراد اليقين ببقائه ، هو إطلاق النقض أعني كون الشكّ ناقضاً لذلك اليقين.
والأولى أن يخرّج ذلك على طريقة الكناية بأن يقال : إنّ المراد باليقين في مثل قوله عليهالسلام : « وإلاّ فإنّه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين بالشكّ » هو اليقين بالحدوث ، لكنّه شبّهه باليقين بالبقاء ونزّله منزلته في إثبات لازمه الذي هو النقض ، فيكون من قبيل : أنشبت المنيّة أظفارها ، فإنّه لمّا شبّه المنيّة بالأسد جعل لها أظفاراً.
ويمكن أن يخرّج على التجريد ، بأن يكون قد جرّد من اليقين بالحدوث يقيناً بالبقاء ، ونسب إليه النقض باعتبار ما جرّده واستخلصه منه ، نظير قوله :
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٢٤٥ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١.