الاعتبار صحّ جعله ناقضاً لليقين بنفس الشيء.
وعلى أيّ حال ، لا يكون المنهي عنه واقعاً في هذه الصحاح الثلاث إلاّ الاعتناء بالشكّ في البقاء في قبال اليقين بأصل الحدوث ، فهي منصبّة على الشكّ في البقاء مع اليقين بأصل الحدوث ، فلا تشمل قاعدة المقتضي التي هي منصبّة على اليقين بالمقتضي ـ بالكسر ـ مع الشكّ في المقتضى ـ بالفتح ـ ولا قاعدة اليقين التي هي منصبّة على الشكّ في وجود الشيء بعد اليقين بوجوده ، مع فرض وحدة المتعلّق وتأخّر الشكّ عن اليقين وانتقاض ذلك اليقين وزواله وتبدّله إلى الشكّ في نفس ما تعلّق به اليقين ، ومن الواضح أنّه لا جامع بين الشكّ في البقاء عند اليقين بأصل الحدوث ، وبين أحد الأمرين أو كليهما ، أعني اليقين بوجود المقتضي ـ بالكسر ـ والشكّ في وجود المقتضى ـ بالفتح ـ أو الشكّ في وجود الشيء بعد اليقين بوجوده ، كما أنّه لا جامع بين الأمرين المذكورين.
فقد اتّضح من ذلك كلّه أنّ قوله عليهالسلام : « لا تنقض اليقين بالشكّ » لو خلّيت ونفسها لكانت منطبقة على مورد اختلاف اليقين والشكّ بحسب الزمان واتّحاد المتيقّن والمشكوك بحسبه انطباقاً حقيقياً ، غير محتاج إلى نحو من العناية والتسامح ، لكن صحاح زرارة قد طبّقت هذه القضية على عكس المورد ، وهو ما لو اتّحد اليقين والشكّ زماناً وكان زمان المتيقّن متقدّماً على زمان المشكوك ، الذي قد عرفت أنّ انطباق النقض فيه محتاج إلى العناية إمّا بتجريد المتعلّق عن الزمان فكأنّه نظر فيه إلى نفس الوضوء ورآه متيقّناً مشكوكاً ، ولابدّ حينئذ أن يكون أحدهما ناقضاً للآخر فقال لا تنقض اليقين بالشكّ ، وعبّر في بعض الروايات بالأمر بنقض الشكّ باليقين (١). لكنّك قد عرفت أنّ اختلاف المتعلّق
__________________
(١) وسائل الشيعة ٨ : ٢١٦ ـ ٢١٧ / أبواب الخلل في الصلاة ب ١٠ ح ٣.