الاختلاف بالحدوث والبقاء لا يكون الشكّ فيه ناقضاً لليقين وجداناً ، وأنّ دعوى أنّه لابدّ في المورد الذي تجري فيه هذه الجملة من حصول الانتقاض الوجداني ممّا لا شاهد عليها. نعم لابدّ من تصوّر ما ينطبق عليه النقض ليكون ذلك منهياً عنه ، وهو حاصل في مورد الاستصحاب بما عرفت من أنّ المكلّف لو ترك جهة اليقين واعتمد على الشكّ بعد فرض اجتماعهما عنده كان ناقضاً ليقينه بشكّه ، وهذا هو المنهي عنه. وقد ألحقنا نحو هذا البيان بما كنّا حرّرناه هناك فراجع واختر لنفسك ما يحلو من الطريقتين.
ومن هذا الذي حرّرناه أخيراً يظهر لك التأمّل فيما أفاده الأُستاذ العراقي قدسسره في مقالته بقوله : إنّ قضية اختلاف متعلّق اليقين والشكّ دقّة في الاستصحاب يقتضي ارجاع ضمير الشكّ بما تعلّق به بنحو من المسامحة ، كما أنّ وحدة المتعلّقين في القاعدة تقتضي في مقام النظر في إرجاع الضمير المزبور إلى متعلّق اليقين أن يكون نحو دقّة في البين بلا مسامحة عرفية فيه ، ومن المعلوم أنّ الجمع بين هذين النظرين في إرجاع ضمير واحد غير معقول الخ (١) ، فإنّه مضافاً إلى أنّه ليس في البين ضمير في هذه الأخبار كي يتكلّم في كيفية إرجاعه ، وإنّما جاءت استفادة الوحدة من مادّة النقض ، أنّه لو أخذنا الرجوع في الضمير بالنظر الدقّي لم تنطبق الجملة الشريفة على قاعدة اليقين ، لما عرفت من أنّ الظاهر من قوله عليهالسلام : « لا تنقض اليقين بالشكّ » وجودهما فعلاً وتعلّق النهي بنقض اليقين بالشكّ ، وهذا غير متحقّق في مورد القاعدة ، إذ لم يجتمع فيها اليقين مع الشكّ كي يتوجّه النهي عن نقض اليقين بالشكّ إلاّبنحو ما كان ، فتأمّل.
ولو أخذناه بالنظر المسامحي بحيث جعلنا الشكّ في البقاء منزّلاً منزلة
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٤٣٠.