« أوّلاً » وحينئذ يكون المتحصّل أنّه بعد المسامحة في بقاء الموضوع ولو بدعوى فهم العرف أنّ ما هو موضوع النجاسة هو ذات الماء ، يكون الموضوع في القضيتين واحداً دقّة ، من دون حاجة إلى التردّد في تلك الوحدة بين الجهات الثلاثة المذكورة.
قوله في المقالة : نعم ما أُفيد ( من كون الاتّحاد عرفياً أو دليلياً أو عقلياً ) إنّما يتمّ لو كان في البين لفظ بقاء ( بأن قال : ابق ما كان ) أو كلمة اتّحاد ( بأن قال : لا تنقض اليقين بالشكّ عند اتّحاد متعلّقهما ) كي يتوهّم اختلاف مصاديقهما بحسب الأنظار ـ إلى قوله ـ فلابدّ حينئذ من تعيين ما سيق له عنوان البقاء المأخوذ في القضية بأنّه بأيّ واحد من النظرين يكون مسوقاً ، ثمّ قال : كيف ومع انتهاء النوبة إلى تلك الجهة لا يبقى مجال دعوى سوقها بلحاظ الأنظار العرفية إلى آخره (١) وهذا أعني قوله : كيف الخ ، شروع في إبطال الرجوع إلى الأنظار العرفية حتّى لو كان البقاء موجوداً في دليل الاستصحاب ، وذلك لأنّ الشبهة ليست في مفهوم البقاء وإنّما هي في مصداقه ، فالعرف يرى أنّ بقاء الحرمة بعد زوال التغيّر بقاء والعقل لا يراها بقاء ، وليس شغل العرف تعيين المصاديق وإنّما شغله شرح المفاهيم. نعم يمكن الرجوع إلى العرف في تعيين المصاديق فيما لو قصر العقل عن تعيينها ، فإنّ مقتضى الحكمة وإخراجاً لكلام الحكيم عن اللغوية هو الإيكال إليهم في تعيينها ، نظير ما يقال إنّ المراد من قوله تعالى : ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) هو ما يكون بيعاً بالنظر العرفي ، وهذا إنّما يتبع فيما لو لم يعلم الخطأ بأن يقوم الدليل على تخطئة الشارع لهم في أخذهم المعاملة الفلانية بيعاً مثلاً ، وذلك خلاف ما
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٤٣٢.