التذكية التي هي جارية في حقّه.
والحاصل : أنّك أنت وذلك المسلم الجالب سواء في عدم الفحص والسؤال وأنّ كلاً منكما لم يصدر منه شيء سوى أنّ ذلك الجالب قد أقدم على الجلب والشراء من دون أيّ مبرّر ، وهذا بمجرّده لا يكون موجباً لانقطاع أصالة عدم التذكية في حقّك ، كما هي أيضاً غير منقطعة في حقّه ، فكيف يسوغ لك الشراء منه والحكم بأنّه مذكّى ، إلاّ أن يدّعى أنّ يد المسلم كالكرّ مطهّرة قهراً ، وهذا لا يساعده الذوق ، وإطلاق الأدلّة منصرفة عنه ، فلاحظ.
مضافاً إلى ما في ذلك ممّا هو بالتناقض أشبه ، فإنّ حكمه الظاهري هو كون ذلك الذي تحت يده ميتة وأنّه نجس وأنّه لا يملكه ، لكن يده المذكورة التي كان هذا حالها بالنسبة إليه تكون مطهّرة بالنسبة لك وموجبة لكونه بالنسبة إليك مالكاً ، وأنّ ما تحت يده مذكّى وأنّه طاهر ، هذا ممّا لا يقبله الذوق ، فلاحظ.
قوله : وليس في طريقة العقلاء ما يقتضي التعبّد بالملكية لصاحب اليد ... الخ (١).
تقدّم نظيره في مبحث الأصل المثبت (٢) ، وتقدّم أنّه لا مانع من التعبّد العقلائي الصرف ، وأنّ ترتيبهم آثار المتيقّن السابق في باب الاستصحاب من ذلك ، لو لم نقل بأنّ عملهم على ذلك من باب حجّية اليقين في خصوص ترتيب الآثار اللاحقة للمتيقّن.
وبالجملة : لا ريب في أنّ لنا أُصولاً عقلائية قد جرى عليها [ العقلاء ] مثل أصالة الصحّة وأصالة السلامة من العيب وأصالة الحقيقة ونحو ذلك من الأُصول
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٠٣.
(٢) راجع المجلّد العاشر من هذا الكتاب الصفحة : ٨٧ وما بعدها.