بقاء الحياة مع فرض كون موضوع جواز التقليد مركّباً منهما ، نحتاج إلى استصحاب كلّ منهما في عرض استصحاب الآخر ، فيكون حاله حال ما إذا كان الشكّ في كلّ منهما مسبّباً عن منشأ يخصّه ـ بحيث إنّه لولا الشكّ في الحياة لكانت العدالة مشكوكة ، ولولا الشكّ في العدالة لكانت الحياة مشكوكة ـ في الاحتياج إلى الاستصحابين المذكورين.
وربما يظهر ذلك أيضاً من هذا التقرير كما يومئ إليه قوله : فإذا كانت الحياة محرزة بالوجدان فالاستصحاب إنّما يجري في العدالة ، ويلتئم الموضوع المركّب من ضمّ الوجدان بالأصل ، وإن كانت الحياة مشكوكة فالاستصحاب يجري في كلّ من الحياة والعدالة ، ويلتئم الموضوع المركّب من ضمّ أحد الأصلين بالآخر الخ (١) فإنّه لم يقيّد المطلب بكون الشكّ في كلّ منهما مستقلاً ، وإن كان صدر كلامه يعطي التقييد المزبور.
وعلى كلّ حال ، فالظاهر أنّه لو كان موضوع الحكم الشرعي هو العدالة والحياة ، ولم تكن العدالة مشكوكة بنفسها بل كان المشكوك ابتداءً هو الحياة وبذلك تكون العدالة مشكوكة بالتبع ، يمكن القول بأنّا لا نحتاج إلى استصحابين بل يكفي الاستصحاب الواحد ، فإنّ الحياة لمّا كانت عبارة عن أصل الوجود كان مرجع الشكّ فيها إلى الشكّ في بقاء وجود العادل ، فيكون استصحاب وجود العادل كافياً في ترتّب الأثر الشرعي المرتّب على العادل الموجود. نعم لو كانت الحياة زائدة على أصل الوجود ، بل كانت نظير الكتابة ، وفرضنا ترتّب الحكم الشرعي على حركة أصابع الكاتب أو على الكاتب المتحرّك الأصابع ، وحصل
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٦٩ ـ ٥٧٠.