لما قام للمسلمين سوق » (١) وتلك الموارد النادرة هي موارد التملّك بالاستنتاج مثل ثمرة الأشجار المملوكة ونسل الحيوانات المملوكة ، فإنّها لا تكون مسبوقة بمالكية الغير ، فلا مورد فيها لاستصحاب مالكية الغير كما لا مورد فيها لاستصحاب عدم الملكية بالنسبة إلى صاحب اليد ، ولا بالنسبة إلى ما يكون تحت يده ممّا يحتمل كونه من نتاج مملوكه.
أمّا ما يملكه بالحيازة فالظاهر أنّه لا يخلو عن الاستصحاب ، فإنّ هذا الحطب الذي هو تحت يد زيد فعلاً محكوم بأنّه يملكه ويجري فيه استصحاب عدم ملكيته لهذا الحطب ، لأنّ الشكّ في ملكيته إن كان من جهة أنّه حازه فاليد قاضية بأنّه حازه بالوجدان ، وإن كان من جهة التردّد بين أنّ الحائز هو صاحب اليد أو الحائز غيره وهذا قد غصبه منه ، أمكن القول بأنّ نفس هذا الحطب كان غير مملوك لزيد والآن كما كان ، لاحتمال كون الحائز له هو غيره.
ثمّ لا يخفى أنّ اليد إنّما تكون أمارة على الملكية فيما إذا لم تكن مسبوقة بيد أُخرى ، مثلاً لو رأينا هذه العين بيد زيد ورأينا عمراً أخذها منه قهراً ، وبعد أن صارت بيده ادّعى الملكية ، واحتملنا أنّه كان مالكاً لها حينما كانت بيد زيد ، فهل تكون يد عمرو حجّة أو لا؟ ربما يقال بالثاني ، لأنّ يد زيد لا تزيد في كشفها عن مالكية زيد على العلم بمالكيته سابقاً ، وقد قلنا بأنّ اليد مقدّمة. وربما يقال بالأوّل ، لأنّ يد عمرو لمّا كانت حادثة ومتفرّعة عن يد زيد ، وكانت يد زيد في ظرفها حاكمة بأنّ زيداً مالك ، كانت مقدّمة على يد عمرو لأنّ يد زيد تحكم بأن أخذ عمرو منه قهراً من قبيل الأخذ القهري من المالك فلا أثر لها. والحاصل أنّ
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٩٢ ـ ٢٩٣ / أبواب كيفية الحكم ب ٢٥ ح ٢ ، ولفظالحديث « لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق ».