ترك هذه الدعوى تُرك فيها ، فيكون الدين باقياً في ذمّته أو المال باقياً عنده ، ولا ينافي عدم تركه من هذه الحيثية. الثاني : أنّه من يدّعي خلاف الأصل. والظاهر أنّ المراد منه أعمّ من الأصل العملي والأمارات المعتبرة كاليد ونحوها ، وهذا بحسب المصاديق مساوق للأوّل الخ (١).
ولا يخفى أنّ المساوقة بين الضابطين إنّما هي من جهة ما أفاده أوّلاً بقوله : والظاهر أنّ المراد تركه في تلك الدعوى الخ ، وتطبيق ذلك فيما نحن فيه هو أن نقول : إنّ صاحب اليد بعد إقراره ودعواه الانتقال إليه لو ترك دعواه الانتقال لترك ، وإن كان في الحقيقة لا يترك ، بل ينتزع منه المال ، لكن ذلك أمر خارج عن الدعوى ، فإنّ المراد من أنّه لو تَرك لترك أنّه لو ترك دعواه الانتقال لم يطالب بشيء ممّا يدّعيه من الانتقال ، وإن طولب بشيء آخر هو غير مركز الدعوى.
ولا يخفى ما فيه من التكلّف والتجشّم ، والمسألة ـ أعني ضابط المدّعي والمنكر ـ غير منصوصة ، وإنّما ذلك مستفاد من الفحاوى ، والظاهر حينئذ أنّ الضابط الحقيقي هو ما عرفت من المطابقة للوظيفة الفعلية مع قطع النظر عن التخاصم ، فلا حاجة إلى تكلّف إرجاع الضابط الثاني إلى الضابط الأوّل.
(٢) لو تعدّدت الأيدي على شيء واحد ، فإمّا أن يقال بأنّها واحدة وأنّ المجموع بمنزلة يد واحدة على مجموع ذلك الشيء ، ويتّضح ذلك في صورة ما إذا كان ذلك الشيء محتاجاً في الاستيلاء عليه إلى اجتماع اليدين كالفرس الذي يقاد بشطنين (٣) لقوّة شكيمته.
__________________
(١) العروة الوثقى ٦ : ٤٦٢.
(٢) بسم الله الرحمن الرحيم ، وله الحمد ، رمضان المبارك سنة ١٣٧٤ [ منه قدسسره ].
(٣) الشَطَن : الحبل ، وقيل : الحبل الطويل ، وإنّما يُربط الفرس بشطنين لقوّته وشدّته. لسان العرب مادّة شطن.