كانا متداعيين ، لا من جهة ادّعاء الاستقلالية كما يظهر من السيّد في البلغة (١) ، بل من جهة ما ذكرناه من وجود الأصل القاضي بملكية النصف في حقّ كلّ منهما ، فهو في دعواه الزائد يكون مدّعياً لكونه على خلاف مقتضى اليد المقرونة بغيرها ، وفي دعواه النصف يكون منكراً ، لما عرفت من أنّ يده على الكلّ المقرونة بمثلها قاضية بكونه مالكاً للنصف فقط ، فلو نفاه صاحبه كان هو منكراً ، فيكون كلّ منهما مدّعياً منكراً ، بل لا أثر لهذا الانكار ولا يجري عليهما إلاّحكم التداعي من التحالف.
ثمّ لا يخفى أنّ ما أفاده السيّد في البلغة كأنّه هو الذي أراده السيّد في قضاء العروة ، وهو مبني على صحّة تعدّد المالك مع وحدة المملوك كما في الاشاعة ، غايته أنّه مالك غير استقلالي ، فلاحظ ما أفاداه وتأمّل لتقدر على إرجاع كلّ منهما إلى هذا المطلب.
ثمّ إنّ الذي يظهر من الأُستاذ العراقي قدسسره في قضائه هو اختيار الوجه الأوّل أعني كونهما معاً يداً واحدة ، فقد قال : فلو كان المال في يدهما وأقام كلّ منهما البيّنة ، فمقتضى ما تلوناه لك هو الأخذ بالبيّنة في كلّ واحد من الطرفين بمقدار من مؤدّاها الذي كانت البيّنة بالاضافة إليه بيّنة خارج وهو النصف ، لما أسلفنا من أنّ يد الشخصين على تمام المال بمنزلة يد كلّ واحد على النصف كما هو المشهور المعروف (٢).
وقال قبل ذلك ولو تنازع اثنان فيما في يدهما فلهما بالسويّة ، وذلك لما عرفت من أنّ مرجع يديهما على تمام المال إلى استيلاء كلّ واحد منهما عليه
__________________
(١) بلغة الفقيه ٣ : ٣٢٣.
(٢) كتاب القضاء : ١٢٧.